للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ} أي: في خبر يوسف وإخوته، «عِبْرَةٌ» : موعظة «لأولِي الألبابِ» .

ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} .

قوله: {لقد كان في قصصهم} أي: في خبر يوسف وإخوته، " عبرة ": موعظة " لأولي الألباب ".

قرأ أبو عمرو في رواية عبد الوارث، والكسائي في رواية الأنطاكي: " قصصهم " بكسر القاف وهو جمع قصة، وبهذه القراءة رجح الزمخشري عود الضمر في " قصصهم " في القراءة أبو عمرو في رواية عبد الوارث، والكسائيُّ في رواية الأنطاكي: «قِصَصِهِمْ» بكسر القاف هو جمع قصَّة، وبهذه القراءة رجَّح الزمخشري عود الضمر في «قَصصِهمْ» في القراءة المشهورة على الرسل وحدهم.

وحكى غيره: أنه يجوز أن يعود على الرسل، وعلى يوسف وإخوته جميعاً كما تقدم.

قال أبو حيان: «ولا ينصره يعني هذه القراءة؛ إذ قصص يوسف، وأبيه، إخوته تشتمل على قصص كثيرة، وأنباء مخلفة» .

فصل

الاعتبار: عبارة عن العبور من الطريق المعلومة إلى الطريق المجهولة، والمراد منه: التأمُّل والتَّفكر، ووجه الاعتبار بقصصهم أمور:

أحدها: أنَّ الذي قدر على إعزاز يوسف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، بعد إلقائه في الجبِّ وإعلائه بعد سجنه، وتمليكه مصر بعد أن كانوا يظنون أنه عبد لهم وجمعه مع أبيه وإخوته على ما أحبَّ بعد المدة الطويلة؛ لقادرٌ على إعزاز محمد صلى عليه وسلم، وإعلاء كلمته.

وثاينها: أن الأخبار عنه إخبارٌ عن الغيب، وفكان معجزة دالَّة على صدق محمد صلوات الله وسلامه عليه.

وثالثها: أنه قال في أوَّل السورة: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص} [يوسف: ٣] ثم قال هنا: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الألباب} وذلك تنبيه على أن حسن هذه القصَّة، إنَّما هو لأجل حصول العبرة منها، ومعرفة الحكمة والقدرة.

فإن قيل: لم قال: {عِبْرَةٌ لأُوْلِي الألباب} مع أن قوم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كانوا ذوي عقول وأحلام، وقد كان الكثير منهم لم يعتبرْ؟ .

فالجواب: أنَّ جميعهم كانوا متمكِّنين من الاعتبار، والمراد من وصف هذه القصَّة بكونها عبرة كونها بحيث يتعبرها العاقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>