للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الزجاج: «وهذا التأويل فاسد من وجهين:

الأول: أنه ما ورد النكاح في كتاب الله إلا بمعنى التزوج، ولم يرد البتة بمعنى الوطء.

الثاني: أن ذلك يخرج الكلام عن الفائدة، لأنا لو قلنا: المراد أن الزاني لا يطأ إلا الزانية فالإشكال عائد، لأنا نرى الزاني قد يطأ العفيفة حين يتزوج بها، ولو قلنا: المراد أن الزاني لا يطأ إلا الزانية حين يكون وطؤه زنا، فهذا كلام لا فائدة فيه» .

فإن قيل: أي فرق بين قوله: {الزاني لَا يَنكِحُ إِلَاّ زَانِيَةً} وبين قوله: {الزانية لَا يَنكِحُهَآ إِلَاّ زَانٍ} ؟

فالجواب أن الكلام الأول يدل على أن الزاني لا يرغب إلا في نكاح الزانية، بخلاف الزانية فقد ترغب في نكاح غير الزاني، فلا جرم بيَّن ذلك بالكلام الثاني.

فإن قيل: لم قدم الزانية على الزاني في أول السورة وهاهنا بالعكس؟

فالجواب: سبقت تلك الآية على عقوبتها لخيانتها، فالمرأة هي المادة في الزنا، وأما هاهنا فمسوقة لذكر النكاح، والرجال أصل فيه، لأنه هو الراغب الطالب.

قوله

تعالى

: {والذين يَرْمُونَ المحصنات. .} الآية هي كقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا} [النور: ٢] فيعود فيه ما تقدم بحاله، وقوله: «المُحْصَنَات» فيه وجهان:

أحدهما: أن المراد به النساء فقط، وإنما خَصَّهُنَّ بالذكر لأن قَذْفَهُنَّ أشْنَعُ.

والثاني: أن المراد بهن النساء والرجال، وعلى هذا فيقال: كيف غلَّب المؤنث على المذكر؟

والجواب أنه صفةٌ لشيء محذوف يَعمُّ الرجال والنساء، أي: الأنْفُسَ المحصنات، وهو بعيد أو تقول: ثمَّ معطوف محذوف لفهم المعنى، وللإجماع على أن حُكْمَهُمْ حُكْمهُنَّ أي: والمُحْصَنين.

قوله: {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ} العامة على إضافة اسم العدد للمعدود، وقرأ أبو زرعة

<<  <  ج: ص:  >  >>