للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من البعض ولآية ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} وأجيب عن الأول بما مر من أن المقصود حصول الفعل لا ابتلاء كل مكلف به، وعن الثاني بأنه في السقوط بفعل البعض جمعا بين الأدلة، وعلى القول الثاني فالمختار كما في الأصل البعض مبهم فمن قام به سقط الفرض بفعله،

وقيل معين عند الله تعالى يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره كسقوط الدين فيما مر، وقيل معين كذلك وهو من قام به لسقوطه بفعله ثم مداره على الظن، فعلى قول الكل من ظن أن غيره فعله أو يفعله سقط عنه، ومن لا فلا، وعلى قول البعض من ظن أن غيره لم يفعله ولا يفعله وجب عليه ومن لا فلا.

واعلم أن الكل لو فعلوه معا وقع فعل كل منهم فرضا أو مرتبا، فكذلك، وإن سقط الحرج بالأولين. نعم إن حصل المقصود بتمامه كغسل الميت لم يقع غير الأوّل فرضا. (و) الأصح (أنه) أي فرض الكفاية (لا يتعين بالشروع) فيه لأن القصد به حصوله في الجملة فلا يتعين حصوله ممن شرع فيه. (إلا جهادا وصلاة جنازة وحجا وعمرة) فتتعين بالشروع فيها لشدة شبهها بالعيني، ولما في عدم التعيين في الأول من كسر قلوب الجند، وفي الثاني من هتك حرمة الميت، وهذا تبعت فيه الغزالي وغيره، وقيل يتعين فرض الكفاية بالشروع فيه أي يصير به كفرض العين في وجوب إتمامه بجامع الفرضية، وهذا ما صححه الأصل تبعا لابن الرفعة وهو بعيد، إذ أكثر فروض الكفايات لا تتعين بالشروع فيها كالحرف والصنائع وصلاة الجماعة. (وسنتها) أي سنة الكفاية المنقسم إليها وإلى سنة العين مطلق السنة السابق حده. (كفرضها) فيما مر لكن (بإبدال جزما بضده) فيصدق ذلك بأنها مهمّ يقصد بلا جزم حصوله من غير نظر بالذات لفاعله كابتداء السلام والتسمية للأكل من جهة جماعة، وبأنها دون سنة العين، وبأنها مطلوبة من الكل، وبأنها لا تتعين بالشروع فيها أي لا تصير به كسنة العين في تأكد طلب إتمامها على الأصح في الثلاث الأخيرة.

(مسألة: الأصح أن وقت) الصلاة (المكتوبة) كالظهر (جوازا وقت لأدائها) ففي أي جزء منه أوقعت، فقد أوقعت في وقت أدائها الذي يسعها وغيرها، ولهذا يعرف بالواجب الموسع، وقولي جوازا راجع إلى الوقت لبيان أن الكلام في وقت الجواز لا في الزائد عليه أيضا من وقتي الضرورة والحرمة، وإن كان الفعل فيهما أداء بشرطه. وقيل وقت أدائها أول الوقت فإن أخرت عنه فقضاء وإن فعل في الوقت حتى يأثم بالتأخير عن أوله، وقيل هو آخر الوقت فإن قدمت عليه فتقديمها تعجيل، وقيل هو الجزء الذي وقعت فيه من الوقت وإن لم تقع فيه فوقت أدائها الجزء الأخير من الوقت، وقيل إن قدمت على آخر الوقت وقعت واجبة بشرط بقاء الفاعل مكلفا إلى آخر الوقت فإن لم يبق كذلك وقعت نفلاً. وهذه الأقوال الأربعة منكرة للواجب الموسع. (و) الأصح (أنه) أي الشأن (يجب على المؤخر) أي مريد التأخير عن أول الوقت الذي هو سبب الوجوب (العزم) فيه على الفعل في الوقت كما صححه النووي في مجموعه، ونقله غيره عن أصحابنا ليتميز به التأخير الجائز عن غيره وتأخير الواجب الموسع عن المندوب في جواز التأخير عن أول الوقت، وقيل لا يجب اكتفاء بالفعل، ورجحه الأصل وزعم أن الأول لا يعرف إلا عن القاضي أبي بكر الباقلاني ومن تبعه، وأنه من هفوات القاضي ومن العظائم في الدين.

فإن قلت يلزم على الأول تعدد البدل والمبدل واحد. قلنا ممنوع إذ لا يجب إعادة العزم، بل ينسحب على آخر الوقت كانسحاب النية على أجزاء العبادة

<<  <   >  >>