للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حينئذ، وقيل غير ذلك. والثاني كتخصيص خبر مسلم البكر بالبكر جلد مائة الشامل للأمة بقوله تعالى {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} وقيل لا يجوز ذلك لقوله تعالى {لتبين للناس ما نزل إليهم} جعله مبينا للكتاب فلا يكون الكتاب مبينا للسنة. قلنا وقع ذلك كما رأيت مع أنه لا مانع منه لما مر ومن السنة فعل النبي وتقريره، فيجوز في الأصح التخصيص بهما، وإن لم يتأت تخصيصهمالانتفاء عمومهما كما علم مما مر. وذلك كأن يقول الوصال حرام على كل مسلم، ثم يفعله أو يقر من فعله، وقيل لا يخصصان بل ينسخان حكم العام، لأن الأصل تساوي الناس في الحكم. قلنا التخصيص أولى من النسخ لما فيه من إعمال الدليلين وسواء أكان مع التقرير عادة بترك بعض المأمور به أو بفعل بعض المنهى عنه أم لا. والأصل كغيره جعلها المخصصة إن أقرّ بها النبي أو الإجماع مع أن المخصص في الحقيقة إنما هو التقرير أو دليل الإجماع.

(و) يجوز في الأصح تخصيص كل من الكتاب والسنة. (بالقياس) المستند إلى نص خاص ولو خبر واحد كتخصيص آية الزانية والزاني الشاملة للأمة بقوله تعالى {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} وقيس بالأمة العبد، وقيل لا يجوز ذلك مطلقآ حذرا من تقديم القياس على النص الذي هو أصله في الجملة، وقيل لا يجوز إن كان القياس خفيا لضعفه وقيل غير ذلك. قلنا إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما. والخلاف في القياس الظني، أما القطعي فيجوز التخصيص به قطعا. (وبدليل الخطاب) أي مفهوم المخالفة كتخصيص خبر ابن ماجة الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه. بمفهوم خبره «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث» . وقيل لا يخصص لأن دلالة العام على ما دل عليه المفهوم بالمنطوق وهو مقدم على المفهوم. وأجيب بأن المقدم عليه منطوق خاص لا ما هو من أفراد العام فالمفهوم مقدم عليه لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما. (ويجوز) التخصيص (بالفحوى) أي مفهوم الموافقة، وإن قلنا الدلالة عليه قياسية كتخصيص خبر أبي داود وغيره «ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته» . أي حبسه بمفهوم {فلا تقل لهما أف} فيحرم حبسهما للوالد وهو ما نقل عن المعظم وصححه النووي.

(والأصح أن عطف العام على الخاص) وعكسه المشهور لا يخصص العام. وقال الحنفي يخصصه أي يقصره على الخاص لوجوب اشتراك المتعاطفين في الحكم وصفته. قلنا في الصفة ممنوع كما مر مثال العكس خبر أبي داود وغيره «لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده» . يعني بكافر حربي للاجماع على قتله بغير حربي، فقال الحنفي يقدر الحربي في المعطوف عليه لوجوب الاشتراك المذكور فلا ينافي ما قال به من قتل المسلم بالذمي، ومثال الأول أن يقال لا يقتل الذمي بكافر ولا المسلم بكافر، فالمراد بالكافر الأول الحربي فيقول الحنفي والمراد بالكافر الثاني الحربي أيضا لوجود الاشتراك المذكور، وقد مر التمثيل بالخبر لمسألة أن المعطوف على العام لا يعم، وما قيل من أنه لا حاجة لذكر هذه المسألة لعلمها من مسألة القران يردّ بمنعه لأن ما هنا في تخصيص الحكم المذكور في عام، وما هناك في التسوية بين جملتين فيما لم يذكر من الحكم المعلوم لإحداهما من خارج. .

(و) الأصح أن (رجوع ضمير إلى بعض) من العام لا يخصصه حذرا من مخالفة الضمير لمرجعه قلنا لا محذور فيها لقرينة مثاله قوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} مع قوله بعده {وبعولتهن أحق بردهن} فضمير وبعولتهن للرجعيات ويشمل قوله والمطلقات معهن البوائن، وقيل لا يشملهن ويؤخذ حكمهن من دليل آخر، وقد يعبر في هذه المسألة بأعم مما ذكر بأن يقال وأن يعقب العام بما يختص ببعضه ولا يخصصه، سواء أكان ضميرا كما مر أم الشامل غيره كالمحلى بأل واسم الإشارة كأن يقال بدل وبعولتهن الخ. وبعولة المطلقات أو هؤلاء أحق بردهن. (و) الأصح أن (مذهب الراوي) للعام بخلافه لا يخصصه ولو كان صحابيا، وقيل يخصصه مطلقا، وقيل يخصصه إن كان صحابيا لأن المخالفة إنما تصدر

<<  <   >  >>