للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي أن يلبس مما يلبسون لئلا يشار إليه بالأصابع، ويكون ذلك سببا إلى حملهم علي غيبته، فيشركهم في إثم الغيبة له) اهـ (١) .

ومن فعل ذلك خيلاء حرم كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله،

أما لغير ذلك فقد رأي الإمام أحمد رجلًا لابسًا بردا مخططًا بياضًا

وسوادًا، فقال: "ضع هذا، والبس لباس أهل بلدك "، وقال: "ليس هو بحرام، ولو كنت بمكة أو المدينة لم أعب عليك "، يعني: لأنه لباسهم هناك (٢) .

* الثالث: إذا تقرر أن المعتبر في الشهرة القصد والنية، فلا بأس حينئذ:

١- بلبس المنخفض من الثياب كسرًا لسورة النفس الأمارة بالسوء التي

لا يؤمن عليها من التكبر إن لبست غالي الثياب، وتواضعَا لله عز وجل، واحتسابا للثواب الموعود علي ذلك، فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيِّره من أي حُلَلِ الإيمان شاء يلبَسها" (٣) .

٢- ولا بأس أيضًا بلبس الغالي من الثياب التي تحل شرعًا عند الأمن

علي النفس من التسامي المشوب بنوع عن التكبر، إذا نوى بذلك تحصيل مطالب دينية صالحة:

أ- كإظهار نعمة الله عليه، والتحدث بها امتثالا لقوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)) [الضحى: ١١] ، وليجمع بين الجمال الظاهر بالنعمة، والجمال الباطن، بالشكر عليها، ولموافقة ما يحبه الله، قال


(١) ، (٢) "غذاء الألباب بشرح منظومة الآداب" للسفاريني (٢/١٣٨ - ١٣٩) .
(٣) أخرجه الترمذي رقم (٢٤٨٣) في صفة القيامة: باب رقم (٤٠) ، وقال: "هذا حديث حسن"، ورواه الحاكم في "المستدرك " (٤/ ١٨٤) ، وصححه، ووافقه الذهبي، ورمز له السيوطى بالصحة، وانظر شرحه في "فيض القدير" (٦/١٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>