للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميه ليمكروا فيها)

الآية الأنعام ١٢٣.

وهذا ما جرى من " أكابر مجرميها " قرانا حيث تمكن منها تلامذة الاستعمار الأمناء على عهده الحافظون لمآربه وهم قوم صغار النفوس لا يقف استهتارهم وعنادهم للشرع عند حد والأمة إذا أسندت أمرها إلى صغار النفوس كبرت رذائلهم لا نفوسهم وإذا حكم الفاسق فقد حكم الفسق.

وللخير أهل يعرفون بهديهم إذا اجتمعت عند الخطوب المجامع

وللشر أهل يعرفون بشكلهم تشير إليهم بالفجور الأصابع

وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ": " صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات (٣٤٩) مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ".

قال الأستاذ " محمد أديب كلكل " (٣٥٠) مشيراً إلى فوائد هذا الحديث:

(وفيه ربط بين الاستبداد السياسي " قوم معهم سياط " والانحلال الخلقي " ونساء كاسيات عاريات " وهذا ما يصدقه الواقع فإن المستبدين من الطغاة والمتسلطين من الفراعنة يشغلون الشعوب عادة بما يقوي الشهوات ويزينها ويلهي الناس بالمتاع الشخصي عن مراقبة القضايا العامة لكي يبقوا سادرين في غفلاتهم غارقين في شهواتهم لا يهتمون


(٣٤٩) قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: (" مائلات مميلات " مائلات: أي زائغات عن طاعة اللهو عما
يلزمهن من حفظ الفروج ومميلات: يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن) اهـ محل الغرض منه
(جامع الأصول ١١ / ٧٨٩) .
وقال الشيخ إسماعيل حقي في تفسير قوله (مميلات) : (أي قلوب الرجال إلى الفساد بهن، أو مميلات
أكتافهن وأكفالهن كما تفعل الراقصات أو مميلات مقانعهن عن رؤوسهن لتظهر وجوههن) اهـ من
(روح البيان) (٧ / ١٧٠) - وانظر هامش " المجموع " للنووي (٤ / ٣٠٧) .
(٣٥٠) في كتابه (حكم النظر في الإسلام) ص (١٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>