للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم أهمل الناس أمثال هذه المقاصد، فتركوها تستشري ثم تتجمع، فتتحول إلى سيول ما لبثت أن نسفت سدودنا، فأسلمت مواريثنا الضخمة في الشرق والغرب لقمة سائغة إلى متوحشة التتار، وإلى متعصبة الأسبان والصليبيين. وليس من الإخلاص لديننا وأمتنا أن ندع العابثين يبثون ألغامهم في "تحصيناتنا الأخلاقية" لِيُحَوِّلوا الملايين من أبنائنا وشبابنا إلى "عناصر هزيمة " تخدم أهداف أعدائنا في تقويض صرح الأمة، بتحطيم شبابها، وشحن أعصابهم بالمواد الناسفة.

وقد أدرك أحفاد التتار والصليبيين والرومان أن من اكبر ما لقيه آباؤنا الأولون من العون في فتوحهم لفارس والروم - بعد الإيمان- إنما جاء من انحلال الأخلاق في هاتين الدولتين، فكان الدم الجديد ممثلًا في تلاميذ مدرسة النبوة، ينازل الدم الفاسد المهترئ، ممثلا في جنود الإمبراطوريتين، فلم يكن عجيبًا أن يقهر الإيمان الكفر، وأن تغلب القوة الضعف، وأن تهزم الصلابة الميوعة ...

ثم لقد علم هؤلاء الموتورون أننا لم نخسر أمجادنا العظيمة إلا عندما فتحنا قلوبنا وعقولنا وبيوتنا لسموم هذه الأمم، تكتسح بميوعتها صلابتنا، وتذيب برذائلها رجولتنا، فكانت هزيمتنا يوم ذاك هزيمة الخلائق قبل أن تكون هزيمة المعارك) (٢٨) .

ومن هنا:

كانت المخططات التي رسمها الأعداء ترمي إلى شل المرأة المسلمة عن وظيفتها البناءة سلبًا، ثم الزج بها إلى مواقع الفتنة وتدمير الأخلاق إيجابًا،


(٢٨) "تأملات في المرأة والمجتمع" لمحمد المجذوب (ص ٧٣-٧٩) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>