للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام، وكانت تأبى عَلَي، فدعوتها يومًا، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أبكى، فأخبرتُهُ، وسألتهُ أن يدعو لها، فقال: " اللهم اهْدِ أمً أبي هريرة "، فخرجْت أعدو أبشرها، فأتيت، فإذا الباب مُجَاف، وسمعتُ خضخضةَ الماء، وسَمِعَتْ حِسِّي، فقالت: "كما أنت"، ثم فتحتْ، وقد لبِست درعها، وعَجِلت عن خمارها، فقالت: " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله "، قال: فرجعت إلى رسول الله، أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن؛ فأخبرته، وقلت: " ادعُ الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين "، فقال: " اللهم، حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما " (٤٠٠) .

وها هو رضي الله عنه يحكى أنه كان يشتد به الألم من الجوع، فيخرج من بيته إلى المسجد، لا يخرجه إلا الجوع، فيجد نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: " يا أبا هريرة ما أخرجك هذه الساعة؟ "، فيقول: " ما أخرجني إلا الجوع) ، يقول أبو هريرة: (فقمنا، فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: " ما جاء بكم هذه الساعة؟ فقلنا: " يا رسول الله جاء بنا الجوع قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطبق فيه تمر، فأعطى كل رجل منا تمرتين، فقال: " كلوا هاتين التمرتين، واشربوا عليهما الماء، فإنهما ستجزيانكم يومكم هذا قال أبو هريرة: فأكلت تمرة، وخبأت الأخرى؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا هريرة لم رفعت هذه التمرة؟ فقلت: " رفعتها لأمي فقال: " كُلْها، فإنا سنعطيك لها تمرتين، فأكلتها، فأعطاني لها تمرتين ") (٤٠١) .


عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها) اهـ. نقله عنه السفاريني في " غذاء الألباب " (٢/٣٣١) ، وانظر أيضا: " الآداب الشرعية، لابن مفلح (١/٥٠٣) .
(٤٠٠) أخرجه الإمام أحمد (٢/٢١٩، ٢٢٠) ، مسلم (٢٤٩١) في فضائل الصحابة، وحسنه الحافظ الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (٢/٥٩٣) .
(٤٠١) " سير أعلام النبلاء" (٢/٥٩٢ - ٥٩٣) ، "طبقات ابن سعد " (٤/٣٢٨ - ٣٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>