للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرى كُل إنسان يرى عيبَ غيرِه ... ويعمَى عن العيب الذي هو فيه

إن أحدنا لتمر عليه فترات لا يرضى فيها عن نفسه، فهو لا يرضى لها الضعف في مجال القوة، أو الغضب في مقام الحلم، والسكوت في معرض بيان الحق.. ولكنه يتحمل نفسه، ويتعلل بما يحضره من المعاذير، فليكن هذا هو الشأن بين الزوجين يلتمس كلاهما لقرينه المعاذير، "فإن المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات "، وحين تحسن النوايا، وتتواد القلوب، ويكون التعقل هو مدار المعيشة، يتوفر هذا الجانب الكريم في حياة الأسرة.

وعلى كل طرف ألا يقابل انفعال الآخر بمثله، فإذا رأى أحد الزوجين صاحبه منفعلًا بحدة، فعليه أن يكظم غيظه، ولا يرد على الانفعال مباشرة، وهذه النصيحة يجب أن تعمل بها المرأة أكثر من الرجل رعايةً لحق الزوج، وما أجمل قول أبي الدرداء رضي الله عنه لزوجته: " إذا رأيتني غَضِبت، فَرَضِّني، وإذا رأيتُكِ غَضبتي رَضيتكِ، وإلا لم نصطحب ".

وعن محمد بن إبراهيم الأنطاكي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: (أراد شعيب بن حرب أن يتزوج امرأة، فقال لها: " إني سيء الخلق"، فقالت: " أسوأ منك خُلُقًا من أحوجك أن تكون سيء الخلق "، فقال: " إذا أنت امرأتي ") (٥٩١) .

وتزوج الإمام أحمد رحمه الله عباسة بنت المفضل، أم ولده صالح، وكان الإمام أحمد يثني عليها، ويقول في حقها:

" أقامت أم صالح معي عشرين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة " (٥٩٢) .


(٥٩١) "أحكام النساء" ص (٨٢) .
(٥٩٢) "طبقات الحنابلة" (١/٤٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>