للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أقرب الناس إليهم، ضَنُّا بكرامتهم أن تمتهن) (٨٧٥) .

ونقول لهؤلاء: إنكم لستم بأفضل من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد عرض ابنته حفصة على عثمان وأبي بكر رضي الله عنهما، ولا من سعيد بن المسيب، وقد زوَّج ابنته على أحد طلبته دون طلب من التلميذ (٨٧٦) ، وكان يخطبها ولد أمير المؤمنين، وأمهرها زوجها درهمين فقط، لأنه ربما كان لا يجد سواهما.

بل لقد بلغ من سماحة الإسلام وواقعيته، أنه - من ناحية أخرى - أباح للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح، وأن تقترح زواجها منه رغبة في صلاحه، واطمئنانًا إلى تقواه (٨٧٧) ، لا سيما إذا لم يكن لها ولي ينوب عنها في التعبير عن ذلك، فعن أنس رضي الله عنه قال:

(جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعرض عليه نفسها- أي: ليتزوجها- قالت: " يا رسول الله: ألك بي حاجة؟، فقالت بنت أنس - وكانت حاضرة: " ما أقل حياءها! واسوأتاه ... واسوأتاه! "، فقال أنس رضي الله عنه- أي لابنته: " هي خير منكِ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم، فعرضت نفسها عليه ") (٨٧٨) ، فلا حرج على الفتاة إذا بلغت مبلغ الزواج، وتقدم لها خاطب كفؤ دَين على خلق، أن تطالب وليها بالزواج الحلال تعف نفسها بالطريقة المشروعة، وعلى الأب أن يلبي رغبتها، وييادر بتزويجه،


(٨٧٥) "اختيار الزوجين في الإسلام" ص (٩٢) .
(٨٧٦) انظر الحاشية رقم (١٤٠٥) .
(٨٧٧) وقد خطبت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة لنفسها، فكانت خير زوجة له صلى الله عليه وسلم، ناصرته وآوته وأعانته بمالها ونفسها، ولم يعب أحد ذلك، وكان يخطبها كبار قريش وأشرافهم، وكانت تسمى في الجاهلية:
"الطاهرة" رضي الله عنها.
(٨٧٨) انظر: " فتح الباري" (٩/١٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>