للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد تجاوبت الآفاق بأصداء دعائهم: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) [آل عمران: ١٩٣] ، حين رددها شباب تركيا، والباكستان، وأفغانستان، ومصر، وجزيرة العرب، والشام، والمغرب، والسودان، وسائر الديار الإسلامية، بل في أعماق أوربة وأمريكا، وراحوا ينهلون من كتاب الله سبحانه، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وجهوا قلوبهم ووجوههم من جديد- بعد حيرة واغتراب- شطر البيت العتيق،

وولوْا ظهورَهم (لِلْقُلَّيْس) (١) قبلةِ الضرار التي أقامها "أبرهة" (٢) روسيا، و"أبرهة، أمريكا في "موسكو" و "واشنطن "، والتي قام على سدانتها، وتسيير الوفود نحوها " آباءُ رِغال " (٣) عصرنا.

لقد وَلَّوْها ظهورهم عملًا بقوله سبحانه وتعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة: ١٥٠] .

لقد أذهلت الصحوة الإسلامية أعداء الإسلام، فأخذوا يرقصون رقصة الموت التي يحاول فيها الذبيح باستماتة كأنه يحارب معركته الأخيرة، وما هي إلا "صحوة الموت " الزؤام أمام "صحوة البعث "


(١) القُلَّيْس: اسم كنيسة بناها بصنعاء "أبرهة الأشرم" لم يُرَ مثلُها بشيء من الأرض، وأراد أن يصرف إليها حَجّ العرب. (البداية والنهاية) للحافظ ابن كثير (١٧٠/ ٢) ، والإشارة هنا إلى "الكرملين " و "الكونجرس " وغيرهما. "
(٢) أبرهة الحبشي ملك اليمن، وهو الذي قاد أصحاب الفيل لهدم الكعبة.
(٣) أبو رغال: هو الرجل الذي بعثته ثقيف مع أبرهة ليدله على طريق مكة كي يهدم البيت الحرام، فلما أنزله بالمغمس- موضع قرب مكة في طريق الطائف- مات أبو رِغال هنالك، فرجمت قبره العربُ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمُغَمس، وفيه قال جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه ... كرجمكم لقبر أبي رغال
انظر "البداية والنهاية " للحافظ ابن كثير (٢/ ١٧١) ، و "الأعلام" للزركلي (٥/ ١٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>