للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن مفاسد الزنا وعواقبه الوخيمة:

أنه يعمي القلب، ويَطْمس نوره، وأنه يُحَقِّر النفسَ، ويقمعها، ويُسْقِطُ كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه، وأنه يؤثر في نقصان العقل، وأنه يمحق بركة العمر، ويضعف في القلب تعظيم الله، ويوجب الفقر، ويكسو صاحبه سواد الوجه، وثوب المقت بين الناس، ومن خاصيته أيضًا أنه يشتت القلب، ويمرضه، ويجلب الهم والحزن والخوف، ويباعد صاحبه من الملك، ويقربه من الشيطان.

فليس بعد مفسدة القتل أعظم من مفسدة الزنا، ولهذا شرع فيه القتل على أشنع الوجوه وأفحشها وأصعبها، ولو بلغ العبدَ أن امرأة من نسائه قُتِلَتْ لكان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زَنَت.

وبما أن الجزاء من جنس العمل، فقد ينتقم الله من الزاني بأن يسلط على عرضه من لا يتقي الله فينال منه، كما فعل هو بعرض غيره، قال الشاعر:

يا هاتكًا حرمَ الرجال وتابعا ... طرقَ الفساد فأنت غير مكرمِ

من يَزْنِ في قوم بألفي دِرْهَم ... في أهلهِ يُزْنَى بربع الدرهم

إن الزنا دَيْن أذا استقرضته ... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم (١)

وقد وصف بعضهم آثار هذه الفاحشة المدمرة فقال:

"عارُه يهدِمُ البيوتَ الرفيعة، ويطأطئ الرؤوسَ العالية، وُيسَوِّدُ الوجوهَ البيض، ويصبغ بأسودَ من القارِ أنصع العمائم بياضًا، ويُخْرِسُ الألسنةَ البليغة، وَيُبَدّلُ أشجع الناس من شجاعتهم جبنا لا يدانيه جبن، ويهوى


= بالعطية، وتنفيق السلعة بالحلف، والنسائي (٦/ ٨٦) في الزكاة: باب الفقير المحتال.
(١) موارد الظمآن لدروس الزمان " (٣/ ٤٧٣) ، وانظر: "السلسلة الصحيحة" رقم (٣٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>