للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُول: هُوَ ترك مَاله عِنْد غَيره لحفظه.

قَوْله: (كَأَن انفتق) عبر بِهِ لانه لَو فتقه مَالِكه وَتَركه فَلَا ضَمَان على أحد، وَلَو فتقه غَيره فَالضَّمَان على الفاتق.

كَذَا ظهر لي وَيُحَرر ط.

قَوْله: (فَأَخذه رجل) أما إِذا لم يَأْخُذهُ وَلم يدن مِنْهُ لَا يضمن، منح عَن الْمُحِيط.

وَهَذَا يُفِيد أَنه إِذا دنا مِنْهُ لزمَه وَإِن لم يَأْخُذهُ وَالْعلَّة تنافيه.

قَوْله: (بغيبة مَالِكه) أما إِذا كَانَ الْمَالِك حَاضرا لم يضمن فِي الْوَجْهَيْنِ.

منح أَي فِي الاخذ وَعَدَمه.

قَوْله: (ثمَّ تَركه ضمن) مَا ذكره من التَّعْرِيف لَيْسَ خَاصّا بالوديعة بل بشمل اللّقطَة، لانه إِذا رَفعهَا لزمَه حفظهَا، وَمَعَ هَذَا لَا تسمى وَدِيعَة، ثمَّ فِي تَعْرِيفه على مَا ذكره المُصَنّف نظر، لَان الْمَذْكُور فِي المُصَنّف التسليط وَهُوَ فعل الْمَالِك وَهَذَا الْتِزَام وَهُوَ فعل الامين، وَلم يكن بتسليط من الْمَالِك لَا صَرِيحًا وَلَا دلَالَة، وَإِنَّمَا التسليط دلَالَة فِيمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ مَا لَو وضع ثوبا بَين يَدي رجل وَلم يقل شَيْئا، فَتَأمل.

وَيقرب من هَذَا مَا ذكره فِي الاشباه فِي فن الحكايات عَن أبي حنيفَة قَالَ: كنت مجتازا فَأَشَارَتْ إِلَيّ امْرَأَة إِلَى شئ مطروح فِي الطَّرِيق فتوهمت أَنَّهَا خرساء وَأَن الشئ لَهَا فَلَمَّا رفعته إِلَيْهَا قَالَت احفظه حَتَّى تسلمه لصَاحبه فَإِنَّهُ لقطَة انْتهى.

إِلَّا أَن يُقَال: المُرَاد تسليط الشَّرْع فَإِنَّهُ بالاخذ الْتزم حفظه شرعا.

تَأمل.

قَوْله: (لانه بِهَذَا الاخذ الْتزم حفظه دلَالَة) عِلّة.

ل

قَوْله: (ضمن) وَوجه كَونه من التسليط على الْحِفْظ دلَالَة أَن الْمَالِك يجب حفظ مَاله وَيجب المعاونة على حفظه فَكَأَنَّهُ أمره بِالْحِفْظِ، والمؤلف جعل الدّلَالَة من قبل الْمُودع بِالْفَتْح وَهُوَ خلاف الْمَوْضُوع، فَلَو قَالَ لانه بِهَذَا سلطه على حفظه دلَالَة لَكَانَ أليق ط.

قَوْله: (والوديعة مَا تتْرك عَن الامين) أَي للْحِفْظ، زَاد البرجندي فَقَط.

ليخرج الْعَارِية لانها تتْرك للْحِفْظ وَالِانْتِفَاع، وَإِنَّمَا لم يُقيد بِهِ تبعا لصَاحب الْكَنْز لاعتباره فِي تَعْرِيف الايداع السَّابِق.

قَوْله:

(وَهِي أخص من الامانة) لَان الامانة اسْم لما هُوَ غير مَضْمُون فَيشْمَل جَمِيعَ الصُّوَرِ الَّتِي لَا ضَمَانَ فِيهَا كَالْعَارِيَّةِ وَالْمُسْتَأْجر وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا.

والوديعة مَا ودع للْحِفْظ بالايجاب وَالْقَبُول فَكَانَا متغايرين: أَي بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص.

وَالْحكم فِي الْوَدِيعَة أَنه يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَلَا يبرأ عَن الضَّمَان إِذا عَاد الْوِفَاق فِي الامانة، وَالْفرق بَين الْوَدِيعَة والامانة الْعُمُوم وَالْخُصُوص، فَإِن كل وَدِيعَة أَمَانَة، وَالْعَكْس لَيْسَ كَذَلِك، وَحمل الاعم على الاخص يجوز كَمَا فعله صَاحب الدُّرَر دون عَكسه كَمَا فعله الْقَدُورِيّ، لَان الامانة تَشْمَل مَا إِذا كَانَ من غير قصد، كَمَا إِذا هبت الرّيح فِي ثوب إِنْسَان فألقته فِي حجر غَيره.

وَمَا يُقَال من أَن الْوَدِيعَة قد تكون من غير صنع الْمُودع على مَا صرح بِهِ صَاحب الْهِدَايَة فِي آخر بَاب الِاسْتِثْنَاء من كتاب الاقرار فَدفعهُ بِحمْل الْوَدِيعَة ثمَّة على مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ لَا الاصطلاحي، وَمثل هَذَا كثير لَا يخفى على من تدرب.

قَوْله: (كَمَا حَقَّقَهُ المُصَنّف وَغَيره) قَالَ المُصَنّف فِي منحه: وَالْفرق بَينهمَا من وَجْهَيْن.

أَحدهمَا: أَن الْوَدِيعَة خَاصَّة بِمَا ذكرنَا والامانة عَامَّة تَشْمَل مَا لَو وَقع فِي يَده شئ من غير قصد، بِأَن هبت الرّيح بِثَوْب إِنْسَان وألقته فِي حجر غَيره وَحكمهَا مُخْتَلف فِي بعض الصُّور، لَان فِي الْوَدِيعَة يبرأ من الضَّمَان بعد الْخلاف إذَا عَادَ إلَى الْوِفَاقِ، وَفِي الْأَمَانَةِ لَا يبرأ عَن الضَّمَان بعد الْخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>