للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَقَوِّمٍ، فَمَا جُعِلَ فِي مُقَابَلَتِهِ تَبَرُّعٌ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا.

رَحْمَتِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّة) أَن وصيلة لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْمُضَافَ إلَى الْمَوْتِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ حَالَةُ الْمَوْتِ كَمَا فِي الدُّرَرِ.

قَوْلُهُ: (وَمَرَضٌ صَحَّ مِنْهُ كَالصِّحَّةِ) كَذَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ كَالْمُلْتَقَى وَالْإِصْلَاحِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَالْمُضَافُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ.

تَأمل.

قَالَ الْقُهسْتَانِيّ: فَلَو

أوصى بشئ صَارَتْ بَاطِلَةً لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِالصِّحَّةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ حَقُّ أَحَدٍ، وَهَذَا إذَا قَيَّدَ بِالْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا.

وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ ثُمَّ صَحَّ فَبَاقِيَةٌ، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ سِنِينَ كَمَا فِي التَّتِمَّة اهـ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَرَضِ الْمُعْتَبَرِ) بِجَرِّ الْمُعْتَبَرِ صِفَةٌ لِلْمَرَضِ: أَيْ الْمُعْتَبَرِ لِنُفُوذِ التَّصَرُّفِ الْإِنْشَائِيِّ مِنْ الثُّلُثِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَالْحَدُّ فِي الْمَرَضِ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْمُبِيحُ لِصَلَاتِهِ قَاعِدًا، وَقَدْ قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا أَوَّلَ كِتَابِ الْوَصَايَا بِأَبْسَطَ مِمَّا هُنَا ط.

قَوْلُهُ: (وَمُحَابَاتُهُ) أَيْ فِي الاجارة وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْمَهْرِ وَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، بِأَنْ بَاعَ مَرِيضٌ مَثَلًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ كَمَا فِي النُّتَفِ.

قُهُسْتَانِيٌّ: أَيْ أَوْ يَشْتَرِي مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ، فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الْمِثْلِ فِي الشِّرَاءِ وَالنَّاقِصُ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ: أَيْ مُسَامَحَةٌ، مِنْ حَبَوْته حِبَاءً كَكِتَابٍ: أَعْطَيْته الشئ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ اه.

ط عَنْ الْمِصْبَاحِ، وَقَيَّدَ الْمُحَابَاةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ.

قُلْت: وَفِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَإِيجَارُ ذِي ضَعْفٍ مِنْ الْكُلِّ جَائِزٌ وَلَوْ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ ذَاكَ أَكْثَرُ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ: صُورَتُهَا مَرِيضٌ آجَرَ دَارِهِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، قَالُوا: جَازَتْ الْإِجَارَةُ من حميع مَالِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَعَارَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ جَازَتْ، فَالْإِجَارَةُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْلَى.

قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَالَفَتْ الْقَاعِدَةَ، فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ، وَفِي الْبَيْعِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا لِلْفَرْعِ بِالْأَصْلِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ عَقْدٌ لَازِمٌ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ، وَالْإِجَارَةُ تَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ وَتَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّعَلُّقُ بَعْدَهُ اه.

فَتَنَبَّهْ.

وَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْوَصَايَا.

قَوْلُهُ: (وَهِبَتِهِ) أَيْ إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَمَّا إذَا مَاتَ وَلَمْ يَقْبِضْ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ هِبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً حُكْمًا كَمَا صرح بِهِ قاضيخان وَغَيْرُهُ اه.

ط عَنْ الْمَكِّيِّ.

قَوْلُهُ: (وَضَمَانُهُ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْكَفَالَةِ، فَإِنَّ مِنْهُ مَا لَا يَكُونُ كَفَالَةً بِأَنْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ خَالِعْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدَك هَذَا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَكِنْ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ، فَإِنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ يَكُونُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْخَمْسِمِائَةِ عَلَى الضَّامِنِ دُونَ الْمُشْتَرِي (١) .

عِنَايَةٌ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَكَفَالَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فِي وَجْهٍ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ بِأَنْ كَفَلَ فِي الصِّحَّةِ

مُعَلِّقًا بِسَبَبٍ وَوُجِدَ السَّبَبُ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ: مَا ذَابَ لَك عَلَى فلَان فعلي.

وَفِي وَجه كَدين الْمَرَض


(١)
قَوْله: (دون المُشْتَرِي) وَجهه أَن هَذَا من بَاب الزِّيَادَة فِي الثّمن، وَهِي من الاجنبي جَائِزَة، بِخِلَاف مَا إِذا يقل من الثّمن حَيْثُ لَا يلْزمه شئ كَمَا فِي متفرقات بُيُوع الْكَنْز.

<<  <  ج: ص:  >  >>