للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لغيره بِمَال وَالْمقر لَهُ يعلم أَنه كَاذِب فِي إِقْرَاره لَا يحل لَهُ ديانَة إِلَّا أَن يُسلمهُ بِطيب من نَفسه فَيكون هبة مِنْهُ ابْتِدَاء كَمَا فِي الْقنية، وَإِنَّمَا يعْتَبر الاقرار إِظْهَارًا فِي حق ملكية الْمقر بِهِ حَتَّى يحكم بملكيته للْمقر لَهُ بِنَفس الاقرار وَلَا يتَوَقَّف على تَصْدِيق الْمقر لَهُ، أما فِي حق الرَّد فَيعْتَبر تَمْلِيكًا مُبْتَدأ كَالْهِبَةِ حَتَّى يبطل برد الْمقر لَهُ وَبَعْدَمَا وجد التَّصْدِيق من الْمقر لَهُ لَا يعْمل رده لَو رد الاقرار بعد ذَلِك، ثمَّ الاقرار إِنَّمَا يبطل برد الْمقر لَهُ إِذا كَانَ الْمقر لَهُ يبطل بِالرَّدِّ حق نَفسه خَاصَّة، أما إِذا كَانَ يبطل حق غَيره فَلَا يعْمل رده، كَمَا إِذا أقرّ لرجل أَنِّي بِعْت هَذَا العَبْد من فلَان بِكَذَا فَرد الْمقر لَهُ إِقْرَاره وَقَالَ: مَا اشْتريت مِنْك شَيْئا ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك: اشْتريت فَقَالَ البَائِع مَا بعتكه لزم البَائِع البيع بِمَا سمي لانه جحد البيع بعد تَمَامه، وجحود أحد الْمُتَعَاقدين لَا يضر، حَتَّى أَن المُشْتَرِي مَتى قَالَ مَا اشْتريت وَصدقه البَائِع وَقَالَ نعم مَا اشْتريت ثمَّ قَالَ لَا بل اشْتريت لَا يثبت الشِّرَاء وَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة على ذَلِك، لَان الْفَسْخ تمّ بجحودهما، ثمَّ فِي كل مَوضِع بَطل الاقرار برد الْمقر لَهُ، لَو أعَاد الْمقر ذَلِك الاقرار فَصدقهُ الْمقر لَهُ كَانَ للْمقر لَهُ أَن يَأْخُذهُ بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَان.

هَكَذَا فِي الْمُحِيط.

ثمَّ اعْلَم أَن السُّكُوت نزلوه منزلَة الاقرار فِي مسَائِل سيذكرها الشَّارِح، وَنَذْكُر تَمامهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَذَلِك الايماء بِالرَّأْسِ وسيذكره المُصَنّف.

قَوْله: (إِمَّا مُنكر أَو مقرّ) واللائق بِحَال الْمُسلم الاقرار بِالْحَقِّ كي لَا يحْتَاج الْمُدَّعِي إِلَى تدارك الشُّهُود والملازمة فِي بَاب القَاضِي للاحضار، وَلَا سِيمَا وَمَا يلْزم عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَان للتسبب بالوصول إِلَى سحت الْمَحْصُول، كَمَا أَن اللَّائِق بالمدعي أَن تكون دَعْوَاهُ حَقًا لِئَلَّا يلْزم الْمُدعى عَلَيْهِ الدّفع لسحت الْمَنْع وَقدمه: أَي الاقرار على مَا بعده وَهُوَ الصُّلْح لترتبه على

الانكار غَالِبا، ثمَّ إِذا حصل بِالصُّلْحِ شئ: إِمَّا إِن يستربح فِيهِ بِنَفسِهِ وَتقدم طَرِيقه فِي البيع أَو بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُضَاربَة وَإِن لم يستربح فإمَّا أَن يحفظه بِنَفسِهِ وَلَا يحْتَاج إِلَى بَيَان حكمه أَو بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَة.

قَوْله: (وَهُوَ) أَي الاقرار أقرب، أَي لحَال الْمُسلم.

قَوْله: (لغَلَبَة الصدْق) أَي من الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَمن الْمقر فِيمَا أقرّ لَهُ، لَان الْعَاقِل لَا يقر على نَفسه كَاذِبًا فِيمَا ضَرَر على نَفسه أَو مَاله، فترجحت جِهَة الصدْق فِي حق نَفسه لعدم التُّهْمَة وَكَمَال الْولَايَة، بِخِلَاف إِقْرَار فِي حق غَيره.

قَوْله: (هُوَ لُغَة) فَإِذا كَانَ حسيا يُقَال أقره، وَإِذا كَانَ قوليا يُقَال أقرّ بِهِ، فالاقرار إِثْبَات لما كَانَ متزلزلا بَين الْجُحُود والثبوت.

أَبُو السُّعُود.

وَهُوَ مُشْتَقّ من الْقَرار.

دُرَر.

قَالَ فِي الْمنح: وَهُوَ فِي اللُّغَة إفعال من قر الشئ إِذا ثَبت، وَأقرهُ غَيره إِذا أثْبته،

قَوْله: (وَشرعا إِخْبَار) أَي فِي الاصح وَلَيْسَ بإنشاء لصِحَّته فِي ملك غَيره، وَلَو أقرّ مَرِيض بِمَالِه لاجنبي صَحَّ من غير توقف على إجَازَة وَارِث.

قَالَ فِي الْحَوَاشِي السعدية: وَلَعَلَّه ينْتَقض بالاقرار بِأَن لَا حق لَهُ على فلَان، وبالابراء وَإِسْقَاط الدّين وَنَحْوه كإسقاط حق الشُّفْعَة اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: فِيهِ إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ عدم وجوب الْمُطَالبَة.

تَأمل.

وللقول بِأَنَّهُ إنْشَاء فروع تشهد لَهُ: مِنْهَا لَو رد إِقْرَاره ثمَّ قبل لَا يَصح، وَكَذَا الْملك الثَّابِت بِالْإِقْرَارِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فَلَا يملكهَا الْمقر لَهُ حموي.

أَقُول:

قَوْله: (لَا يظْهر فِي حق الزَّوَائِدُ الْمُسْتَهْلَكَةُ يُفِيدُ بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي حق الزَّوَائِد الْغَيْر

<<  <  ج: ص:  >  >>