للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوُقُوع، وَعَلِيهِ فَيَنْبَغِي صِحَة صلحه على الاصح.

قَوْله: (فصح من صبي مَأْذُون) وَيصِح عَنْهُ بِأَنْ صَالَحَ أَبُوهُ عَنْ دَارِهِ وَقَدْ ادَّعَاهَا مُدع وَأقَام الْبُرْهَان ط.

قَوْله: (إِن عري) بِكَسْر الرَّاء: أَي خلا، وَأما بِفَتْحِهَا فَمَعْنَاه حل وَنزل.

قَوْله: (عَن ضَرَر بَين) بِأَن كَانَ نفعا مَحْضا أَو لَا نفع فِيهِ وَلَا ضَرَر أَو فِيهِ ضَرَر غير بَين، فَإِذا ادّعى الصَّبِي الْمَأْذُون على إِنْسَان دينا وَصَالَحَهُ على بعض حَقه، فَإِن لم يكن لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة جَازَ الصُّلْح إِذْ عِنْد انعدامها لَا حق لَهُ إِلَّا الْخُصُومَة وَالْحلف وَالْمَال أَنْفَع مِنْهُمَا، وَإِن كَانَت الْبَيِّنَة لم يجز لَان الْحَط تبرع وَهُوَ لَا يملكهُ، وَمِثَال مَا لَا ضَرَر فِيهِ وَلَا نفع: صلحه عَن عين بِقدر قيمتهَا، وَمِثَال مَا لَا ضَرَر فِيهِ بَين: مَا إِذا أخر الدّين فَإِنَّهُ يجوز لانه من أَعمال التِّجَارَة ط.

أَقُول: وَهَذَا ظَاهر فِي الصَّبِي وَالْمكَاتب والمأذون الْمَدْيُون.

وَأما الْمَأْذُون الْغَيْر الْمَدْيُون فَيَنْبَغِي صِحَة صلحه كَيْفَمَا كَانَ حَيْثُ كَانَ بِإِذن سَيّده لانه وَمَا فِي يَده لمَوْلَاهُ فَيكون صلحه كصلح مَوْلَاهُ، وَلَا حق فِي مَاله لغريم كالمديون وَلَا تصرفه مَنُوط بِالْمَصْلَحَةِ كَالصَّبِيِّ وَالْمكَاتب، تَأمل.

قَوْله: (وَصَحَّ من عبد مَأْذُون) لَو لم يكن فِيهِ ضَرَر بَين، لكنه لَا يملك الصُّلْح على حط بعض الْحق إِذا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة وَيملك التَّأْجِيل مُطلقًا وَحط بعض الثّمن للعيب لما ذكر، وَلَو صَالحه البَائِع على حط بعض الثّمن جَازَ لما ذكر فِي الصَّبِي الْمَأْذُون كَمَا فِي الدُّرَر.

قَوْله: (ومكاتب) فَإِنَّهُ نَظِير العَبْد الْمَأْذُون فِي جَمِيع مَا ذكر لانه عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم، فَإِن عجز الْمكَاتب فَادّعى عَلَيْهِ رجل دينا فاصطلحا أَن يَأْخُذ بعضه وَيُؤَخر بعضه، فَإِن لم يكن لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة لم يجز لانه لما عجز صَار مَحْجُورا فَلَا يَصح صلحه.

دُرَر.

أَقُول: قَوْله فَادّعى عَلَيْهِ رجل دينا: أَي كَانَ فِي زمن كِتَابَته إِلَّا أَن الصُّلْح وَاقع بعد الْعَجز، هَذَا هُوَ المُرَاد، فَحِينَئِذٍ لَا يكون الشَّرْط الثَّانِي مُسْتَغْنى عَنهُ، وَقيد بِهِ لانه لَو كَانَ للْمُدَّعِي بَيِّنَة صلح الْمَحْجُور لَا من حَيْثُ إِنَّه مَحْجُور بل من حَيْثُ أَن دينه دين فِي زمن كِتَابَته.

تدبر.

وَأَقُول: وَمثل الْمكَاتب الْمَعْتُوه الْمَأْذُون فَإِنَّهُ نَظِير العَبْد الْمَأْذُون على مَا سبق.

قَوْله: (وَلَو فِيهِ نَفْعٌ) لَوْ قَالَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لَكَانَ أَوْلَى، لِيَشْمَلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ أَو كَانَ فِيهِ ضَرَر غير بَين كَمَا تقدم أَمْثِلَة ذَلِك قَرِيبا.

قَوْله: (مَعْلُوما) سَوَاء كَانَ مَالا أَو مَنْفَعَة، بِأَن صَالح على خدمَة عبد بِعَيْنِه سنة أَو ركُوب دَابَّة بِعَينهَا أَو زراعة أَرض أَو سُكْنى دَار وقتا مَعْلُوما فَإِنَّهُ يجوز وَيكون فِي

معنى الاجارة، وَخرج مَا لم يكن كَذَلِك، فَلَا يَصح الصُّلْح عَن الْخمر وَالْميتَة وَالدَّم وصيد الاحرام وَالْحرم وَنَحْو ذَلِك، لَان فِي الصُّلْح معنى الْمُعَاوضَة، فَمَا لَا يصلح للعوض وَالْبيع لَا يصلح عوضا فِي الصُّلْح ط.

قَالَ فِي الْمنح: أَن يكون مَعْلُوما بِذكر الْمِقْدَار فِي مثل الدَّرَاهِم فَيحمل على النَّقْد الْغَالِب فِي الْبَلَد، وبذكر الْمِقْدَار وَالصّفة فِي نَحْو بر، وبمكان التَّسْلِيم أَيْضا عِنْد أبي حنيفَة، وبالاجل أَيْضا فِي نَحْو ثوب، وبإشارة وَتَعْيِين فِي نَحْو حَيَوَان كَمَا فِي الْعمادِيَّة، لَان جَهَالَة الْبَدَل تُفْضِي إِلَى الْمُنَازعَة فَيفْسد الصُّلْح انْتهى.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَازِيًا لِلْمَبْسُوطِ: الصُّلْحُ على خَمْسَة أوجه: الاول: صلح على دَارهم أَو دَنَانِير أَو فَلَو س، فَيحْتَاج إِلَى ذكر الْقدر.

الثَّانِي: على تبر أَوْ كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ مِمَّا لَا حَمْلَ لَهُ، وَلَا مُؤنَة، فَيحْتَاج إِلَى قَدْرٍ وَصِفَةٍ، إذْ يَكُونُ جَيِّدًا أَوْ وَسَطًا أَوْ رَدِيئًا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>