للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يُعدّ حرص ((ترتليان)) على إلزام المرأة بالحجاب, من الحقائق التاريخيّة الذائعة المعلومة؛ فهو القائل في كتابه: ((حول حجاب العذارى)) ((De Virginibus Velandis)) إنّ على العذراء أن تلبس الحجاب في الشارع كما في الكنيسة دون فارق, وقال أيضًا في نفس المؤلَّّف: كما أنّها مطالبة بالحجاب من أجل الملائكة, فهي كذلك مطالبة به من أجل الرجال حتى لا يفتنوا بها. (١)

ومدح في نفس الكتاب المرأة العربية لأنها تغطّي كلّ وجهها إلا عينًا واحدة: ((الإناث الوثنيات في بلاد العرب سيكنّ الحاكمات عليكن, فهن لا يغطين فقط الرأس, وإنّما يغطين الوجه أيضًا, فهن مغطيات بصورة كاملة؛ حتّى إنهن قانعات بعين واحدة غير مغطاة؛ ليتمتعن بنصف الضوء على أن يعرين وجوههن كاملة. الأولى بالأنثى أن ترى غيرها لا أن تُرى من غيرها.)) (٢)

وقال: ((غطِّي رأسكِ! إن كنت أمًّا؛ فلأجل ابنك, وإن كنت أختًا؛ فلأجل إخوتك.)) (٣)

وقال في مؤلّفه ((الإكليل)) ((De Corona)) إنّ على المرأة أن تتحجّب؛ لأنّ ذلك يتوافق مع قوانين الله ((المنحوتة في الطبيعة)) ؛ معتبرًا أنّ ((بولس)) كان في شأن الحجاب يقدّم القانون الطبيعي والقانون الكاشف للطبيعة. فالنواميس الكونية والشرعية تتوافق مع بعضها ولا تتنافر, والتقاؤها في فرض الحجاب على المرأة ظاهرٌ معاينٌ. (٤)

ويفهم من كلامه أنّ النصرانيات كنّ يرتدين الحجاب في الأماكن العامة في زمانه؛ فقد قال في كتابه: ((حول الصلاة)) ((De Oratione)) موبخًا النساء اللواتي يذهبن إلى الكنيسة غير محجّبات: ((لماذا تكشفن أمام الله, ما تغطينه أمام الرجال؟ هل أنتن محتشمات في الشارع أكثر


(١) انظر؛ The Ante-Nicene Fathers, ١٨٨٥, ٤/٣٥
(٢) المصدر السابق, ٤/٣٧
(٣) المصدر السابق
(٤) The Ante-Nicene Fathers, ١٨٦٩, ١/٣٣٩

<<  <   >  >>