للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة]

[مدخل]

...

[المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة]

استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بعدما هاجر إليها المسلمون من مكة ومن الجزيرة العربية، وأصبح الرسول صلى الله عليه وسلم أمام حال يختلف تمامًا عن الحال في مكة.

وجد النبي صلى الله عليه وسلم أمامه مجتمعًا يسلم أمره إليه، مع اختلاف عناصره، وتنوع مذاهبه واتجاهاته، وتباين طبقاته المادية والثقافية.

وجد النبي صلى الله عليه وسلم أمامه المهاجرين بعدما تركوا ديارهم وأموالهم وأهاليهم، وجاءوا بإيمانهم وثقتهم في الله فقط، ولم يكن عندهم تصور معين يعيشون فيه، أو عمل يتوقعونه، إنما جاءوا بفقرهم يرجون فضل الله ورحمته، ويعبدون أنفسهم لله تعالى، وينصرون دعوته بصدق وإخلاص فهم كما قال الله عنهم: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ١.

ومع المهاجرين كان الأنصار وهم من آمن بالإسلام، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأغلبهم من الأوس والخزرج، وهؤلاء لم يخرجوا من ديارهم، وعاشوا مع أموالهم وأقربائهم وأعمالهم التي تعودوا عليها، وكل ما جد عليهم أنهم جعلوا الإيمان في قلوبهم يقينًا صادقًا، وأحبوا به كل مؤمن وبخاصة من هاجر إليهم، ورحبوا بهم، وأنزلوهم منزلة الروح والعقل، وتنازلوا عن كل خصيصة لهم وفيهم نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ٢.


١ سورة الحشر: ٨.
٢ سورة الحشر: ٩.

<<  <   >  >>