للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس من أهل بدر؟ ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، أو قال فقد وجبت لكم الجنة" ١.

وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: أصيب حارثة بن زيد ببدر فجاءت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى فترى ما أصنع؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "ويحك أو هبلت أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس" ٢.

وإنما استحق أهل بدر كل هذا الفضل؛ لأنهم قدموا أنفسهم لنصر دين الله تعالى، فجعل الله ذنوبهم بعد ذلك تقع مغفورة، كما أنهم لصفاء أرواحهم، وصدق إيمانهم لا يقع الذنب منهم إلا خطأ، وبصورة نادرة.

والمغفرة المذكورة تتعلق بأحكام الآخرة، وبحقوق الله تعالى، أما أحكام الدنيا وحقوق الناس فلا بد من استيفائها، وأدائها لأصحابهما بعدما حدثت.

ومن مواقف المسلمين في بدر ما حدث من عمير بن الحمام الأنصاري فلقد روى الإمام أحمد في مسنده أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر: "قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض".

فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم".

فقال عمير: بخ بخ.

فقال صلى الله عليه وسلم: "ما يحملك على قولك بخ بخ"؟.

قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها.

قال صلى الله عليه وسلم: "فإنك من أهلها".

فأخرج تمرات من قرته، فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ثم رمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.


١ صحيح البخاري كتاب المناقب باب غزوة بدر ج٦ ص٢٤٩.
٢ صحيح البخاري كتاب المناقب باب غزوة بدر ج٦ ص٢٤٨.

<<  <   >  >>