للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يميل عليه خيل المشركين، ورجالهم، وقد أقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه المهاجرين والأنصار ولم يغنم أحد منهم شيئًا ومتى أعطى الشباب لا يبقى للشيوخ شيء، وبخاصة أن الغنيمة قليلة، فنزل قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ١.

وهكذا لم يترك الله أمر الغنائم لعقولهم واجتهادهم، وإنما جعلها لحكم الله ورسوله جاء في تفسير ابن كثير عن عبادة بن الصامت قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرًا فالتقى الناس فهزم الله تعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون، ويقتلون، وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه، ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض.

قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها فليس لأحد فيها نصيب.

وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق به منا نحن منعنا عنه العدو، وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به٢ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد الغنائم حتى يقضي الله فيها، فرد أصحابه صلى الله عليه وسلم الغنائم التي جمعوها من أعدائهم، أما ما أخذ بغير قتال فقسمه صلى الله عليه وسلم بينهم.

وجمعت الغنائم، واستعمل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن كعب بن عمرو المازني وسار بها حتى وصل إلى "سير" وهناك قسمها على المجاهدين، وقيل بل استعمل عليها خباب بن الأرت، وكان فيها إبل، ومتاع، وأنطاع، وثياب٣.

وأنزل الله تعالى قوله في شأن الغنيمة: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا


١ سورة الأنفال: ١.
٢ تفسير ابن كثير ج٢ ص٢٨٣.
٣ إمتاع الأسماع ج١ ص٩٣.

<<  <   >  >>