للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي]

أدت مخالفة الرماة للأوامر التي تلقوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى انكسار الجيش الإسلامي وتفكك صفوفه، وفرار المسلمين إلى الجبل في كل جوانبه.

ولما انكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق منهم معه صلى الله عليه وسلم إلا نفر يسير، ولم يبق للمسلمين لواء قائم ولا فئة ثابتة، وأخذت خيل المشركين تجوسهم مقبلة ومدبرة، في جنبات الوادي، وتجمع المشركون، يلتقون ولا يتفرقون، ما يرون أحدًا من الناس يردهم بعدما فر المسلمون، وصعدوا إلى الجبل، وقد استشهد من المسلمين من أكرمه الله تعالى بالشهادة ولولا ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته لكانت النكسة الماحقة، ولوقعت الهزيمة التي لا انتصار بعدها.

روى البيهقي عن المقداد بن عمرو رضي الله عنه قال: أوجع المشركون والله فينا قتلا ذريعًا، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نالوا، ألا والذي بعثه بالحق ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم شبرًا واحدًا، وإنه لفي وجه العدو، ويفيء إليه طائفة من أصحابه مرة، وتفترق عنه مرة، فربما رأيته قائمًا يرمي عن قوسه ويرمي بالحجر حتى تحاجزوا، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصابة ثبتت معه١.

وقال محمد بن عمر: ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانه، ما يزول قدمًا واحدًا بل وقف في


١ المغازي ج١ ص٢٠٤.

<<  <   >  >>