للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب]

[مدخل]

...

[المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب]

بدأت الأحداث تأخذ مجرى جديدًا بعد "أحد" حيث اتخذ جميع الفرقاء مواقف عديدة بناء على نظرهم لأحداث "أحد".

فمشركوا مكة رأوا فيما حدث في "أحد" فرصة يصعب تكرارها، وقد أفلتت منهم، لعلمهم أن انكسار المسلمين جاء بسبب خطأ مجموعة الرماة، وجرأة خالد وبراعته في الاستفادة من انسحاب الرماة من موقعهم، ولذلك انسحبوا سريعًا إلى بلدهم، ومكنوا فيها، ولم يخرجوا لملاقاة المسلمين بعد ذلك وحدهم، واكتفوا بالفخر الكاذب وادعاء النصر، ونشر الأكاذيب، وتحريض القبائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورأى الأعراب، وأهل البادية أن انكسار المسلمين في "أحد" موقف لا بد أن يستفيدوا به، ولذلك فكروا في الإغارة على المدينة للسلب والنهب، ولإظهار قوتهم أمام المسلمين لتكون لهم مهابة ومنزلة عندهم، وتصوروا أن حالة المسلمين تمكنهم من ذلك.

ورأى اليهود أن المسلمين أصيبوا إصابة تؤدي إلى ضعف قوتهم وهمتهم، وأنهم في حاجة إلى وقت طويل لتعود لهم إرادتهم القوية، وشجاعتهم الوثابة، وقدرتهم على مواجهة خصومهم.

ورأى المنافقون أن وضعهم قد عرف بعودتهم من "أحد" وعدم اشتراكهم في القتال، وتأكدوا أن النفاق لم يعد خطة تحقق لهم الحياة، وليس هناك ما يمنع حينئذ من إظهار العداوة، والبغضاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين.

لكل هذا كثرت التحركات، وتعددت الأعمال في المدة ما بين غزوتي "أحد" و"الأحزاب" ولم تقف أفكار الأعداء عند حد القول والأماني، وإنما ظهرت في خطط، ومعاهدات، ومواجهات.

يروي الواقدي حال اليهود، والمنافقين بعد "أحد" فيقول: "أخذ عبد الله بن أبي والمنافقون معه يشمتون بالمسلمين، ويسرون بما أصابهم، ويظهرون أقبح القول لهم، فلما رجع الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي إلى المدينة وهو جريح، وبات

<<  <   >  >>