للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبر سعد نزل فيه أربعة نفر: الحارث بن أوس بن معاذ، وأسيد بن حضير، وأبو نائلة وسلمة بن سلامة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على قدميه عند قبره، فلما وضع في لحده تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبح ثلاثًا، فسبح المسلمون ثلاثًا حتى ارتج البقيع بتسبيحهم، ثم كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، وكبر أصحابه ثلاثًا حتى ارتج البقيع بتكبيرهم، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقيل: يا رسول الله رأينا لوجهك تغيرًا وسبحت ثلاثًا وكبرت ثلاثًا.

قال صلى الله عليه وسلم: "تضايق على صاحبكم قبره، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد، ثم فرج الله عنه" ١.

وجاءت أم سعد، وهي كبشة بنت عبيد، تنظر إلى سعد ولدها في اللحد، فردها الناس, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها".

فأقبلت حتى نظرت إليه، وهو في اللحد قبل أن يبنى عليه اللبن والتراب، ثم قالت: أحتسبك عند الله، وعزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره، وجعل المسلمون يردون تراب القبر ويسوونه، وتنحى رسول صلى الله عليه وسلم فجلس حتى سوى على قبره ورش عليه الماء، ثم أقبل فوقف عليه فدعا له، ثم انصرف.

يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كنت مع من حفر قبر سعد بن معاذ، وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا تراب قبره٢.

يروي البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اهتز عرش الرحمن لموت سعد٣, وفي الترمذي عن أنس بن مالك: إنه لما حملت جنازة سعد قال المنافقون ما أخف جنازته، وفسروا ذلك بسبب قتله بني قريظة.

فقال صلى الله عليه وسلم لهم: "إن الملائكة كانت تحمله" ٤.


١ سير أعلام النبلاء ج١ ص٢٩٠.
٢ سير أعلام النبلاء ج١ ص٢٩٥.
٣ صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار باب مناقب سعد ج١ ص١٥٦.
٤ صحيح البخاري كتاب المغازي باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ج٦ ص٢٣١.

<<  <   >  >>