للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك]

[مدخل]

...

المبحث الثاني عشر: فتح مكة وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

رضيت الجزيرة العربية بواقعها الجديد، وأخذت تؤمن بالإسلام، وتدخل في دين الله تعالى, ولم تبق إلا جيوب قليلة استمرت على عدائها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعاشت تكره دين الله تعالى, وعلى رأس هذه الجيوب رءوس الكفر في مكة، وقبائل ثقيف، وهوازن، وبني سليم.

أخذت هذه الجيوب الكافرة تمثل عائقًا أمام الآخرين في إقبالهم على الإسلام، وتهدد الدعاة إلى دين الله تعالى في حركتهم بالدعوة إلى الله تعالى ولذلك كان التخلص من هذه الجيوب نهاية كريمة لإسلام الجزيرة كلها, وتوجيه كل طاقاتها لبروز خير أمة في مجال الواقع تحمل الإسلام إلى ممالك الدنيا، وتظهره في أمة عادلة ناهضة تدعو إلى الإسلام بالعمل، والقول، والسلوك، والخلق، وتنادي العالمين أن هلموا إلى الإسلام لتحققوا عالمية إنسانية في إطار دين الله، وتبتعدوا عن كل سوءات البشر، من صراع، وتحاسد، وطغيان، وعدوان.

ومن حكمة الله تعالى أنه عند فتح مكة وتطهير الجزيرة كلها من الشرك كانت معالم الإسلام قد عرفت، وأحكامه العملية قد فصلت، وأصبح كل من الفرد والجماعة والأمة يدرك مدى الخير الذي حققه الإسلام للجميع، وتيقنوا من صدقه، وأحقية أن يكون دين الناس أجمعين.

وعلم كل من أسلم مسئوليته أمام دينه الذي آمن به، فحمله إلى العالم مجاهدًا في سبيل الله، ولذلك انطلق دعاة الإسلام إلى العالم يبلغوه دين الله تعالى، ويزيلون كوابس الطغيان التي تمنع الناس من التفكير الحر، والاختيار الصحيح، واستمروا على إخلاصهم حتى استقر الحق، ودخل الناس في دين الله تعالى.

إن فتح مكة قضى على أكثر قوة تصدت لرسول الله، وناصبت دينه العداء، وجعلت نفسها المعارض الرئيسي للإسلام والمسلمين، ولذلك كان انضمام مكة للمعسكر الإسلامي من الناحية العملية انضمام الجزيرة كلها للإسلام.

إن الغزوات الكبرى كانت مع المكيين، أما غيرهم فكانت المواجهة معهم تتم بأعداد قليلة، وأحيانًا بفرد واحد.

وفي هذا المبحث سنبين الخطوات النهائية التي تطهرت فيها الجزيرة العربية من الأوثان والشرك, وذلك فيما يلي:

<<  <   >  >>