للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم]

لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني عمرو بن عوف أرسل إلى أخواله بني النجار فجاءوا متقلدين السيوف، وتقاطر الأنصار جميعًا خلفهم، حتى اجتمعوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبين به، فركب الرسول صلى الله عليه وسلم ناقته، والناس عن يمينه وشماله وخلفه، منهم الراكب ومنهم الماشي يهللون ويكبرون.

اجتمع بنو عمرو بن عوف وقالوا: يا رسول الله أخرجت ملالا لنا، أم تريد دارًا خيرًا من دارنا؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "أمرت بقرية تأكل القرى، فخلوها، فإنها مأمورة".

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قباء يريد المدينة فوجد الناس قد ملئوا الطرق ومعهم الخدم والصبيان وهم يقولون: الله أكبر، جاءنا محمد، جاءنا رسول الله.

يقول أنس بن مالك: إني لأسعى مع الغلمان يقولون: محمد جاء فننطلق فلا نرى شيئًا حتى أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر فكنا في بعض جرار المدينة، فبعث لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أهل البادية ليؤذن بهما الأنصار، فخرج الأنصار واستقبلهما زهاء خمسمائة منهم، حتى انتهوا إليها فقالت الأنصار: انطلقا آمنين مطاعين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم، وخرج أهل المدينة حتى إن العوائق فوق البيوت يتراءينه ويقلن: أيهم هو؟ أيهم هو؟ فما رأينا منظرًا شبيهًا به يومئذ١.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع٢


١ الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد الشيباني ج٢٠ ص٢٩١.
٢ رحمة الله للعالمين ج١ ص١٠٦, والحرار بكسر الحاء وفتح الراء جمع حرة وهي الأرض الصلبة السوداء، والعوائق جمع عائق وهي الفتاة التي بلغت ولم تتزوج.

<<  <   >  >>