للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن الحافظ ابن رجب وهو الذي نقل تفضيل بعض التابعين لهذه الليلة (١) وإحياءهم لها في المساجد ذكر أن مستندهم في ذلك ما بلغهم من آثار إسرائيلية، ومتى كانت الآثار الإسرائيلية مستنداً؟!.

وذكر أيضاً أن الناس أخذوا عنهم فضلها وتعظيمها فمتى كان عمل التابعي حجة؟! .

الوجه الثالث: أن العلماء المعاصرين للقائلين بفضل ليلة النصف من شعبان قد أنكروا عليهم ذلك، ولو كان للمفضلين دليل لاحتجوا به على المنكرين عليهم، ولكن لم ينقل عنهم ذلك، لاسيما وأن من المنكرين عليهم عطاء بن أبي رباح الذي كانت إليه الفتيا في زمانه (٢) . والذي قال فيه ابن عمر -رضي الله عنهما -: تجمعون لي المسائل وفيكم ابن أبي رباح.

الوجه الرابع: أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن)) (٣) .

ليس فيه دليل على تخصيص ليلة النصف من شعبان بفضل من دون الليالي الأخرى، لأنه ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) (٤) . فاطلاعه سبحانه وتعالى على خلقه، وغفرانه لهم، ليس متوقف على ليلة معينة في السنة، أو ليالي معدودة.

الوجه الخامس: أن من اختار القول بأنه لا يكره صلاة الإنسان فيها لخاصة نفسه، لم يدعم اختياره بالدليل، ولو كان هناك دليل لذكره، ومن أنكر ذلك استدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وعموم الأحاديث والآثار الدالة على


(١) - يراجع: لطائف المعارف ص (١٤٤) .
(٢) - يراجع: طبقات الفقهاء للشيرازي ص (١١) .
(٣) رواه ابن ماجه في سننه (١/٤٥٥) ، كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (١٣٩٠) . وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (٢/١٠) ، إسناد حديث أبي موسى ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، وتدليس الوليد بن مسلم. ا. هـ. ورواه الطبراني في المعجم الكبير عن معاذ بن جبل (٢٠/١٠٧، ١٠٨) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/٦٥) . رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات. ورواه ابن حبان في صحيحة. يراجع: موارد الظمآن ص (٤٨٦) ، كتاب الأدب، حديث رقم (١٩٨٠) .
(٤) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٣/٢٩) ، كتاب التهجد، حديث رقم (١١٤٥) . ورواه مسلم في صحيحه (١/٥٢١) ، كتاب صلاة المسافرين، حديث رقم (٧٥٨) .

<<  <   >  >>