للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (١) .

فمن هذا نعلم أن القرآن نزل عربياً على رسول عربي لينذر العرب أولاً، ثم ينذر الأمم كافة، وأن الشريعة لا تفهم إلا إذا فهم اللسان العربي، ويعبر عن هذا قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً......} (٢) .

وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة فإن الله جعل جميع الأمم، وعامة الألسنة في هذا الأمر، تبعاً للِّسان العربي، وإذا كان كذلك، فلا يُفهم كتاب الله تعالى إلا من الطريق الذي نزل عليه، وهو اعتبار ألفاظها ومعانيها وأساليبها.

وأنها فيما فطرت عليه من لسانها، لها دلالات وأدوات لفهم أدوات المقاصد والمعاني، وهي:

الخطاب بالعام يرادُ به الظاهر، مثاله: قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٣) . فهذا من العام الظاهر الذي لا خصوص فيه.

الخطاب بالعام يراد به العام من وجه والخاص من وجه، مثاله: قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (٤) . فهذا عام لم يخرج عن أحد من الناس؛ لأنَّ كل إنسان خلق من ذكر وأنثى، عدا عيسى - عليه السلام-. ثم قال الله تعالى بعد ذلك: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (٥) ، فهذا خاص؛ لأنَّ التقوى إنما تكون من المكلف العاقل، فكان في الآية عام وهو خلق الناس والشعوب والقبائل، وكان فيها خاص وهو إن أكرمكم عند الله أتقاكم.

الخطاب بالعام يُراد به الخاص، ومثاله قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} (٦) . فالمراد بالناس الآخرين الخصوص لا العموم، وإلا فالمجموع لهم الناس ناس أيضاً، وهم قد خرجوا، لكن لفظ الناس يقع على ثلاثة


(١) - سورة النحل، الآية:١٠٣.
(٢) - سورة الرعد، الآية ٣٧.
(٣) - سورة هود: الآية٦.
(٤) - سورة الحجرات: الآية١٣.
(٥) -سورة الحجرات: الآية١٣.
(٦) - سورة آل عمران: الآية١٧٣.

<<  <   >  >>