للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرز - من كل واحد سبع سنابل، وتسع حبات - وقطعة سكر، ودينار ودرهم جديدان، فيضع بين يدي الملك، ثم تدخل عليه الهدايا، ثم يدخل عليه الناس حسب مراتبهم، وقربهم من الملك، ثم يقدم للملك رغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب، موضوع في سلة، فيأكل منه ويطعم من حضره، ثم يقول: هذا يوم جديد، من شهر جديد، من عام جديد، من زمان جديد، يحتاج أن تجدد فيه ما أخلق من الزمان، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس على سائر الأعضاء، ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم، ويفرق فيهم ما حمل إليه من هدايا، ومن عادة عوام الفرس رفع النار في ليلته ورش الماء في صبيحته (١) .

فأكثر ما يفعلونه في هذا العيد هو كثرة وقود النيران - لأنَّها معبودهم- وكثرة رش الماء، فيجتمع الناس في الشوارع والساحات، وقرب الأنهار والبحيرات، مختلطين رجالهم ونساؤهم، وترتفع أصواتهم، ويشربون الخمر ظاهراً بينهم في الطرقات، ويتراش الناس بالماء، وبالماء والخمر، ويستخفون بحرمات الناس الذين لا يشاركونهم هذا الاحتفال، فيرشُّونهم بالماء ممزوجاً بالأقذار ... إلى غير ذلك من أمور الفسق والفساد (٢) .

وللأسف الشديد، ليس هذا متوقفاً على الأعاجم فقط، وإنَّما يشاركهم من يدَّعي الإسلام في بلادهم، وفي غيرها من البلاد، ولاسيما الملوك والرؤساء والوزراء والتجار والأعيان، ويظهرون من الابتهاج والسرور والاحتفالات، والزينات والتهاني ما يفوق الوصف، ويكون احتفالهم وفرحهم به وتعظيمهم له، أكثر من احتفالهم وفرحهم وتعظيمهم لعيدي الأضحى والفطر (٣) .

ويتجلى اهتمام من يدعي الإسلام بالاحتفال بالنيروز في تقليده للأعاجم في جميع ما يعملونه من أكل المأكولات التي تعمل في هذه المناسبات خاصة كالهريسة (٤) وغيرها من مآكلهم في النيروز. وكذلك بل بعضهم بعضاً بالماء وإلقائه في الماء،


(١) - يُراجع: نهاية الأرب للنويري (١/٨٥، ١٨٦) .
(٢) - يُراجع: الخطط والآثار للمقريزي (١/٤٩٣) .
(٣) - يُراجع: تحذير المسلمين ص (١٥١) .
(٤) - الهريسة: الحب المطبوخ، والهريس: الحب المهروس قبل أن يطبخ، وسميت الهريسة هريسة؛ لأنَّ البر الذي هي منه يدق ثم يطبخ. يُراجع: لسان العرب (٦/ ٢٤٧) مادة (هرس) .

<<  <   >  >>