للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو أهله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(وبعد: فإني كنت قد نهيت إمَّا مبتدئاً أو مجيباً عن التشبه بالكفار في أعيادهم، وأخبرت ببعض ما في ذلك من الأثر القديم، والدلالة الشرعية، وبينت بعض حكمة الشرع في مجانبة الكفار -من الكتابيين والأميين- وما جاءت به الشريعة من مخالفة أهل الكتاب والأعاجم....

ثم بلغني بأُخرة (١) أن من الناس من استغرب ذلك واستبعده، لمخالفة عادة قد نشأوا عليها، وتمسكوا في ذلك بعمومات وإطلاقات اعتمدوا عليها، فاقتضاني (٢) بعض الأصحاب أن أعلِّق في ذلك ما يكون فيه إشارة إلى أصل هذه المسألة، لكثرة فائدتها، وعموم المنفعة بها، ولما قد عمَّ كثيراً من الناس من الابتلاء بذلك، حتى صاروا في نوع جاهلية، فكتبت ما حضرني الساعة، مع أنه لو استوفى ما في ذلك من الدلائل، وكلام العلماء، واسْتقْريتُ الآثار في ذلك، لوجد فيه أكثر مما كتبته) ا. هـ (٣) .

ويعتبر كتاب شيخ الإسلام -رحمه الله- هذا، من أحسن ما أُلف في هذا الباب، فقد ذكر فيه تحريم مشابهة الكفار بالأدلة: من الكتاب والسنة والإجماع والآثار والاعتبار.

فذكر من الآيات القرآنية ما ينيف على ثلاثين آية، وقرر بعد كل آية وجه دلالتها على ذلك، ثم ذكر من الأحاديث النبوية الدَّالة على تحريم مشابهة أهل الكتاب ما يقارب مائة حديث، وأعقب كل حديث بذكر وجه دلالته على ذلك، ثم ذكر الإجماع على التحريم، ثم ذكر الآثار، ثم ذكر من الاعتبار ما في بعضه الكفاية. فما أجلّ هذا الكتاب وأكبر فائدته (٤) .

وسأذكر- إن شاء الله- بعضاً من هذه الآيات، والأحاديث، وكذلك الإجماع، وبعض الأدلة من الآثار والاعتبار الدَّالَّة على تحريم مشابهة أهل الكتاب على النحو التالي:


(١) - أي: أخيراً - والله أعلم -.
(٢) - اقتضاني: أي طلب مني. يُراجع: القاموس المحيط (٤/٣٨١) ، فصل القاف باب الياء.
(٣) - يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٦٠، ٦١) .
(٤) - يُراجع: فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (٣/١٠٩) .

<<  <   >  >>