للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبر أبو بكر -رضي الله عنه- أن الصمت المطلق لا يحل، وعقَّب ذلك بقوله: ((هذا من عمل الجاهلية)) ، قاصداً بذلك عيب هذا العمل وذمّه.

وتعقيب الحكم بالوصف: دليل على أن الوصف علَّة، فدلَّ على أن كونه من عمل الجاهلية وصف يوجب النهي عنه، والمنع منه.

ومعنى قوله: ((من عمل الجاهلية)) ، أي: ما انفراد به أهل الجاهلية ولم يشرع في الإسلام، فيدخل في هذا كل ما اتخذ من عبادة، مما كان أهل الجاهلية يتعبدون به، ولم يشرع الله التعبد به في الإسلام، وإن لم ينوه عنه بعينه، كالمكاء والتصدية، فإن الله تعالى قال عن الكافرين: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (١) . والمكاء: الصفير ونحوه، والتصدية: التصفيق (٢) .

فما تقدم من الآيات والأحاديث والآثار: يدلُّ على وجوب مخالفة أهل الكتاب عموماً، وعدم التشبه بهم في جميع الأمور.

أما ما يتعلق بالنهي عن مشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم، فقد وردت فيه آيات وأحاديث وآثار ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وسأذكر بعضها فيما يلي:

أولاً: من الكتاب:

ما تأوَّله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} (٣) .

قال أبو العالية،


(١) - سورة لأنفال: الآية٣٥.
(٢) - ويُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٣٢٦- ٣٢٧) .
(٣) - سورة الفرقان:٧٢.

<<  <   >  >>