للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (١) .

ووجه تفسير التابعين المذكورين: أن الزور هو المحسن المموه حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)) (٢) ؛ لما كان يظهر مما يعظم به مما ليس عنده.

فالشاهد بالزور يظهر كلاماًُ يخالف الباطن، ولهذا فسَّره السلف تارة بما يظهر حسنه لشبهة أو الشهود، وهو قبيح في الباطن، فالشرك ونحوه: يظهر حسنه للشبهة، والغناء ونحوه: يظهر حسنه للشهوة.

وأما أعياد المشركين: فجمعت الشبهة والشهود، وهي باطل؛ إذ لا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة: فعاقبتها إلى ألم فصارت زوراً، وحضورها شهوداً.

وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها، الذي هو مجرد الحضور، برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك، من العمل الذي هو عمل الزور، لا مجرد شهود؟!

ثم مجرد هذه الآية، فيها الحمد لهؤلاء والثناء عليهم، وذلك وحده يفيد الترغيب في ترك شهود أعيادهم، وغيرها من الزور، ويقضي الندب إلى ترك حضورها، وقد يفيد كراهة حضورها لتسمية الله لها زوراً، فأما تحريم شهودها من هذه الآية ففيه نظر، ودلالتها على تحريم فعلها أوجه (٣) .

ثانياً: من السنة:

ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية،


(١) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٢/٤٥٣) كتاب العيدين، حديث رقم (٩٦٢) . ورواه مسلم (٢/٦٠٢) كتاب صلاة العيدين، حديث رقم (٨٨٤) .
(٢) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٩/٣١٧) كتاب النكاح، حديث رقم (٥٢١٩) . ورواه مسلم في صحيحه (٣/١٦٨١) كتاب اللباس والزينة، حديث رقم (٢١٢٩) .
(٣) - ويُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٤٢٨- ٤٣٠) .

<<  <   >  >>