للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الحديث:

أحدها: قوله: ((إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا)) . فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، كما أن الله سبحانه وتعالى لما قال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (١) . وقال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} (٢) ، أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم، وذلك أن اللام تورث الاختصاص، فإذا كان لليهود عيد، وللنصارى عيد، كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم، وكذلك لا ندعهم يشركوننا في عيدنا.

الثاني: قوله: ((وهذا عيدنا)) فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه، وكذلك قوله: ((وإن عيدنا هذا اليوم)) فإن التعريف باللام والإضافة يقتضي الاستغراق، فيقتضي أن يكون جنس عيدنا منحصراً في جنس ذلك، كما في قوله: ((تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)) (٣) .

وليس غرض صلى الله عليه وسلم الحصر في عين ذلك العيد، أو عين ذلك اليوم، بل الإشارة إلى جنس المشروع، كما تقول الفقهاء: باب صلاة العيد، ويندرج فيه صلاة العيدين، كما يُقال: لا يجوز صوم يوم العيد.

وكذا قوله: ((وإن هذا اليوم)) ، أي: جنس هذا اليوم، كما يقول القائل لما يعاينه من الصلاة: هذه صلاة المسلمين، ويقول لمخرج الناس إلى الصحراء، وما يفعلونه من التكبير والصلاة ونحو ذلك: هذا عيد المسلمين ... ونحو ذلك.

ومن هذا الباب: قوله: ((يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب)) (٤) .


(١) - سورة البقرة: الآية١٤٨
(٢) -سورة المائدة: الآية٤٨
(٣) - رواه أحمد في مسنده (١/١٢٣) . رواه أبو داود في سنن (١/٤١١) كتاب الصلاة، حديث رقم (٦١٨) . ورواه الترمذي في سننه (١/٥) أبواب الطهارة، حديث رقم (٣) ورواه ابن ماجه في سننه (١/١٠١) كتاب الطهارة، حديث رقم (٢٧٥) ورواه الحاكم في المستدرك (١/١٣٢) كتاب الطهارة، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في تلخيصه.
(٤) - رواه أحمد في مسنده (٤/١٥٢) . ورواه مسلم في صحيحه (٢/٨٠٠) كتاب الصيام، حديث رقم (١١٤١) عن نبيشة الهذلي، وحديث رقم (١١٤٢) عن كعب بن مالك الأنصارى. ورواه أبو داود في سننه (٢/٨٠٤) كتاب الصوم، حديث رقم (٢٤١٩) . ورواه الترمذي في سننه (٢/١٣٥) أبواب الصوم، حديث رقم (٧٧٠) ، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه النسائي في سننه (٥/٢٥٢) كتاب مناسك الحج، باب النهي عن صوم يوم عرفة. ورواه ابن حبان في صحيحه. يُراجع: موارد الظمآن ص (٢٣٨) كتاب الصيام رقم (٩٥٨) . ورواه الحاكم في المستدرك (١/٤٣٤) ، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في تلخيصه.

<<  <   >  >>