للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم من كانت له خبرة بالسيرة، علم يقيناً أن المسلمين على عهده صلى الله عليه وسلم ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم، ولا يغيرون لهم عادة في أعياد الكافرين، بل ذلك اليوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين يوم من الأيام، لا يخصونه بشيء أصلاً، إلا ما قد اختلف فيه من مخالفتهم فيه كصومه ونحو ذلك.

فلولا أن المسلمين كان دينهم الذي تلقوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم منع من ذلك وكف عنه، لوجب أن يوجد من بعضهم فعل بعض ذلك؛ لأن المقتضى إلى ذلك قائم، كما تدلُّ عليه الطبيعة والعادة، فلولا المانع الشرعي لوجد مقتضاه، ثم على هذا جرى عمل المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، فلا شك أن المسلمين تلقُّوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم المنع عن مشاركتهم في أعيادهم (١) .

ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتينا من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع: اليهود غداً، والنصارى بعد غداً)) (٢) . وفي لفظ: ((بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، فهدانا الله له)) (٣)

وعن أبي هريرة وحذيفة - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:


(١) - ويُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٤٤٩- ٤٥٠) .
(٢) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٢/٣٥٤) كتاب الجمعة، حديث رقم (٨٧٦) عدا قوله: ((وأوتينا من بعدهم)) فقد ورد في حديث بنفس المعنى برقم (٨٩٦) كتاب الجمعة. ورواه مسلم في صحيحه (٢/٥٨٥) كتاب الجمعة، حديث رقم (٨٥٥) .
(٣) - ورواه مسلم في صحيحه (٢/٥٨٥) كتاب الجمعة، حديث رقم (٨٥٥) (٢١) .

<<  <   >  >>