للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو الحسن علي بن الفرات ثم عزلها المقتدر سنة ٣١٠ هـ, وذلك لأنها زوجت ابنة أختها من أبي العباس أحمد بن محمد بن إسحاق بن المتوكل وأكثرت من النثار والدعوات وخسرت أموالا جليلة فسعى بها أعداؤها إلى المقتدر وقالوا: إنها قد سعت لأبي العباس في الخلافة وحلفت له القواد وكثر القول عليها فقبض عليها المقتدر وأخذ منها أموالا جسيمة وجواهر نفيسة.

[أم ندبة زوجة بدر بن حذيفة]

كانت عقيلة قومها كريمة بيتها مسموعة كلمتها وكان ولدها ندبة يكنى أبا قرافة قد قتله قيس بن زهير العبسي في حرب داحس والغبراء فقالت ترثيه وتلوم زوجها بقبول الدية:

حذيفة لا سلمت من الأعادي ... ولا وقيت شر النائبات

أيقتل ندبة قيس وترضى ... بأنعام ونوق سارحات

أما تخشى إذا قال الأعادي ... حذيفة قلبه قلب البنات

فخد ثأرا بأطراف العوالي ... أو البيض الحداد المرهفات

وإلا خلني أبكي نهاري ... وليلي بالدموع الجاريات

لعل منيتي تأتي سريعا ... وترميني سهام الحادثات

أحب إلي من بعل جبان ... تكون حياته أردى الحياة

فيا أسفي على المقتول ظلما ... وقد أمسى قتيلا في الفلاة

ترى طير الأراك ينوح مثلي ... على أعلى الغصون المائلات

وهل تجد الحمائم مثل وجدي ... إذا رميت بسهم من شتات

فيا يوم الرهان فجعت فيه ... بشخص جاز عن حد الصفات

ولا زال الصباح عليك ليلا ... ووجه البدر مسود الجهات

ويا خيل السباق سقيت سما ... مذابا في المياه الجاريات

ولا زالت ظهورك مثقلات ... بصمان الجبال الراسيات

لأن سباقكم ألقى علينا ... هموما لا تزال إلى الممات

[أمالتونسا ابنة ثيودوريك]

وأمها "اوديفليد" أخت "كلوفيس" ملك فرنسا, وكانت "امالتونسا" بيدها أزمة أحكام البلاد الإيطالية, وذلك لأنه لم يكن "لثيودوريك" ابن يرث ملكه من بعده, فزوج ابنته هذه بفتى, سليل أحد أعضاء العائلة الملكية, الذي فر هاربا إلى إسبانيا فرقاه الملك الفوثي إلى رتبة قنصلية وأمير, ولكن ذلك الفتى لم يتمتع زمانا طويلا بلذة ارتقائه واقترانه ب "أمالتونسا", بل مات مخلفا طفلا يدعى "أثالاريك" فتولت زوجته بعد وفاته وموت أبيها أحكام البلاد بالنيابة عن ابنها القاصر, واشتهرت هذه بجمالها البديع وحسنها الباهر وذكائها العظيم, وسعة معارفها, وكثرة عوارفها, وكان لها القدم الأولى في المباحث العلمية والفلسفية.

قيل: إنها درست اللغة اليونانية, واللاتينية, والفوثية, وتضلعت منها حتى أصبحت قادرة أن تتكلم بكل منها بفصاحة ورشاقة ولا ريب أنها كانت حسنة المبادئ كريمة النفس لأنها عاملت الرومانيين سكان روميا وإيطاليا الأصليين معاملة رعاياها وأشفقت عليهم خلافا للفوثيين الذين لم يزالوا يعتبرونهم أعداء وعبيدا.

وكان ابنها "أثالاريك" خملا يبغض العلوم والمعارف, ويتأوه من الدرس ومشقاته وإجهاد العقل في سبيل

<<  <   >  >>