للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمسيت قد نزلت بحمزة حاجتي ... إن المنوه باسمه الموثوق

بأبي عمارة من وطئ الحصى ... وجرت له في الصالحين عروق

بين الحواري الأغر وهاشم ... ثم الخليفة بعد والصديق

وقال أيضا:

يا حمز هل لك في ذي حاجة عرضت أنصاره بمكان غير ممطور

فأنت أحرى قريش أن تكون لها ... وأنت بين أبي بكر ومنظور

بين الحوراي والصديق في شعب ... صبتين في طلب الإسلام والخير

ثم شفعوه إلى أبيهم فجعل يقبل شفاعتهم في الظاهر حتى إذا جاء إلى خولة قلبته عن رأيه فمال إلى النوار فقال الفرزدق في ذلك:

أما بنوه فلم تقبل شفاعتهم ... وشفعت بنت منظور بن زبانا

ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزرا ... مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا

فبلغ ذلك ابن الزبير فدعا بالنوار فقال: إن شئت فرقت بينكما أقتله فلا يهجونا أبدا, وإن شئت سيرته إلى بلاد العدو فيقتل فقالت: لا أريد واحدة منهما. فقال لها: إنه ابن عمك وهو فيك راغب فأزوجك إياه, فقالت -وقد فضلت عذابها على هلاكه-: نعم قد رضيت. فدعا بالفرزدق.

وقال له: جئني بصداق النوار وإلا فرقت بينكما فقال الفرزدق: أنا في بلاد غربة فكيف أصنع وأنك تحكم علي لتثب عليها وتصطفيها لنفسك, وكان ابن الزبير حديدا. فقال لها: هل أنت وقومك إلا جالية العرب. ثم أمر فأقيم الفرزدق من مجلسه وأقبل على من حضر فقال: إن بني تميم كانوا وثبوا على البيت قبل الإسلام بمائة وخمسين سنة فاستلبوه فأجمعت العرب بما انتهكت منه ما لم ينتهكه أحد قط فأجلتها من أرض تهامة, ثم حتم على الفرزدق إن لم يحضر صداقها ليقتلنه شر قتله فبلغ ذلك الفرزدق فقال: إن ابن الزبير يعيرنا بالجلاء ثم قال:

فإن تغضب قريش ولتغضبي ... فإن الأرض توعبها تميم

هم عدد النجوم وكل حي ... سواهم لا تعد لهم نجوم

ولولا بيت مكة ما ثويتم ... بما صبح المنابت والأروم

بها كثر العديد وطاب منكم ... وغيركم أخيذ الريش هيم

فهلا عن تعلل من غدرتم ... بخونته وعذبه الحميم

فعبد الله مهلا عن أذاتي ... فإني لا الضعيف ولا السؤم

ولكني صفاة لم تدنس ... تزل الطير عنها والعصوم

أنا ابن العاقر الخور الصفايا ... يضنوا حين فتحت العلوم

فبلغ هذا الشعر ابن الزبير فأسره في نفسه وخرج يوما للصلاة فرأى الفرزدق في طريقه فعمد إلى عنقه

<<  <   >  >>