للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مهري، فإن تخطئني أحلامُهم لا تُخطئني أجسامهم، لعلّي أصيب ولداً وأُكثِر عدداً. فخرج أبوها فقال: أخبروني عن أفضلكم. قالت ربيتهم الشعثاء الكاهنة: اسمع أُخبرك عنهم. هم إخوة، كلهم إسوة، أما الكبير فمالك، جريء فاتك، يتعب السنابك، ويستصغر المهالك، وأما الذي يليه فالغَمْزُ، بَحْر غَمْرُ، يقصر دونه الفَخْر، نَهْدٌ صَقْرٌ. وأما الذي يليه فعلقمة، صليب المعجمة، منيع المَشْتَمة قليل الجمجمة. وأما الذي يليه فعاصم، سيد ناعم، جَلْدٌ صارم، أبيّ حازم، جيشه غانم، وجارُه سالم. وأما الذي يليه فثواب، سريع الجواب، عتيد الصواب، كريم النِصاب، كَلَيْثِ الغاب. وأما الذي يليه فمُدْرِك، بذولٌ لما يملِك، عزوفٌ عما يترك، يُغني ويُهلك، وأما الذي يليه فحَنْدَل، لِقرْنه مجدِّل، مُقلّ لما يحمل، يعطي ويبذل، وعن عدوّه لا ينكل. فشاورت أختها فيهم، فقالت أختها عثمة: ترى الفتيان كالنخل وما يُدريك مالدخْلُ. اسمعي مني كلمة، إن شرّ الغريبة يُعلن وخيرها يُدفَن أنكحي في قومك ولا تغرُرْك الأجسام. فلم تقبل منها. وبعثت إلى أبيها أنكحني مُدركاً. فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورُعاتها. وحملها مدرك فلم تلبث عنده إلا قليلاً حتى صبحتهم فوارس من بني مالك بن كنانة فاقتتلوا ساعة، ثم إن زوجها وإخوته وبني عامد انكشفوا فسَبوها فيمن سَبوا. فبينا هي تسير إذ بكت فقالوا: ما يُبكيكِ؟ أعلى فراق زوجك؟ قالت: قبّحه الله جمالاً لا نفع معه. إنما أبكي على عصياني أختي، وقولها: ترى الفتيان كالنخل وما يُدريك ما الدخل. وأخبرتهم كيف خطبوها. فقال لها رجل منهم يُكنى أبا نُواس، شابٌ أسودْ، أفوَه مضطّرب الخَلْقِ: أترضين بي على أن أمنعك من ذئاب العَرَب؟ فقالت

<<  <   >  >>