للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ هَيْئَات الْخُطْبَتَيْنِ وَآدَابِهِمَا

١٢٤١ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ كَمَا يَفْعَلُونَ الْيَوْمَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .

١٢٤٢ - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ قَالَ إنَّهُ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَدْ وَاَللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد) .

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ. وَالرَّابِعُ: فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ، وَيَدُلّ لَهُ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيَقْرَأُ آيَاتٍ وَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. .

وَأُجِيب عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: " يَقْرَأُ " مَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ: " يَخْطُبُ " لَا عَلَى قَوْلِهِ: " يَقُومُ ". وَالظَّاهِرُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يُلَازِمُ قِرَاءَةَ سُورَةٍ أَوْ آيَةٍ مَخْصُوصَةٍ فِي الْخُطْبَةِ، بَلْ كَانَ يَقْرَأُ مَرَّةً هَذِهِ السُّورَة وَمَرَّةً هَذِهِ، وَمَرَّةً هَذِهِ الْآيَةَ وَمَرَّةً هَذِهِ. .

[بَابُ هَيْئَات الْخُطْبَتَيْنِ وَآدَابِهِمَا]

قَوْلُهُ: (كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا) فِيهِ أَنَّ الْقِيَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ مَشْرُوعٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَار اهـ. وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى الْوُجُوبِ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِيَامَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ.

وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى الْوُجُوبِ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ وَبِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، وَأَوَّلُ مَنْ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ مُعَاوِيَةُ» .

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ إنَّمَا خَطَبَ قَاعِدًا لَمَّا كَثُرَ شَحْمُ بَطْنِهِ وَلَحْمِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّابِتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ هُوَ الْقِيَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَلَكِنْ الْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ كَمَا عَرَفْتَ غَيْرَ مَرَّةٍ قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَجْلِسُ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي حُكْمِهِ قَوْلُهُ: (فَمَنْ قَالَ إنَّهُ يَخْطُبُ) رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد: " فَمَنْ حَدَّثَك أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ ".

وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ: " فَمَنْ نَبَّأَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ ".

قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لَا الْجُمُعَةَ اهـ. وَلَا بُدّ مِنْ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>