للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

١٣٣٥ - (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ» أَخْرَجَاهُ وَفِي لَفْظِ: «صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَفِي لَفْظِ قَالَ: «خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى الْمُصَلَّى فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَأَطَالَ الْقِيَامَ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

١٣٣٦ - (وَعَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفٍ رَكْعَتَيْنِ لَا نَسْمَعُ لَهُ فِيهَا صَوْتًا.» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعهُ لِبُعْدِهِ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ مَبْسُوطَةٍ لَهُ: أَتَيْنَا وَالْمَسْجِدُ قَدْ امْتَلَأَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

حَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ أَخْرَجَهَا أَيْضًا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ. وَأَخْرَجَ نَحْوَهَا ابْنُ حِبَّانَ. وَحَدِيثُ سَمُرَةَ صَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِجَهَالَةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ، رَاوِيهِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: إنَّهُ مَجْهُولٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ مَعَ أَنَّهُ لَا رَاوِيَ لَهُ إلَّا الْأَسْوَدَ بْنَ قَيْسٍ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَيْهَقِيِّ قَالَ: «كُنْتُ إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَلِلطَّبَرَانِيِّ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ أَسَانِيدُهَا وَاهِيَةٌ وَلِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْهَرْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْجَهْرِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ. وَرَجَّحَ الشَّافِعِيُّ رِوَايَةَ سَمُرَةَ بِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِرِوَايَتِهِ الْأُخْرَى وَالزُّهْرِيُّ قَدْ انْفَرَدَ بِالْجَهْرِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا فَالْعَدَدُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ، قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَرِوَايَته مُقَدَّمَةٌ وَجَمَعَ بَيْنَ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَعَائِشَةَ بِأَنَّ سَمُرَةَ كَانَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَلِهَذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهُ، وَلَكِنْ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ كُنْتُ إلَى جَنْبِهِ يَدْفَعُ ذَلِكَ. وَجَمَعَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْجَهْرِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ، وَرِوَايَةَ الْإِسْرَارِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مَنْسُوبَةً إلَى أَحْمَدَ وَبِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهَا بِلَفْظِ: " كَسَفَتْ الشَّمْسُ " وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ صَلَاةَ الْكُسُوفِ لَمْ تَقَعْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ، فَالْمَصِيرُ إلَى التَّرْجِيحِ مُتَعَيِّنٌ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَرْجَحُ لِكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِكَوْنِهِ مُتَضَمِّنًا لِلزِّيَادَةِ وَلِكَوْنِهِ مُثْبِتًا وَلِكَوْنِهِ مُعْتَضِدًا بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا مِنْ إثْبَاتِ الْجَهْرِ، وَإِنْ صَحَّ أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>