للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّوْرِيُّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِيهِ " حَتَّى تُوضَعَ فِي الْأَرْضِ " وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ سُهَيْلٍ " حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ " وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ) .

١٤٥٥ - (وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ ذَكَرَ الْقِيَامَ فِي الْجَنَائِزِ حَتَّى تُوضَعَ، فَقَالَ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَعَدَ.» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ مَنْ اتَّبَعَ الْجِنَازَةَ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى تُوضَعَ]

وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَعْنِي فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ قَعَدَ» . قَوْلُهُ: (إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ إذَا مَرَّتْ لِمَنْ كَانَ قَاعِدًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا. قَوْلُهُ: (فَمَنْ اتَّبَعَهَا فَلَا يَجْلِسُ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ جُلُوسِ الْمَاشِي مَعَ الْجِنَازَةِ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ عَلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ النَّوَوِيُّ وَالْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. قَالُوا: وَالنَّسْخُ إنَّمَا هُوَ فِي قِيَامِ مَنْ مَرَّتْ بِهِ لَا فِي قِيَامِ مِنْ شَيَّعَهَا.

وَحَكَى فِي الْفَتْحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْقُعُودُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: يَجِبُ الْقِيَامُ، وَاحْتُجَّ لَهُ بِرِوَايَةِ النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: " مَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهِدَ جِنَازَةً قَطُّ فَجَلَسَ حَتَّى تُوضَعَ " انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ لَا يَنْتَهِضُ دَلِيلًا لِلْوُجُوبِ فَالْأُولَى الِاسْتِدْلَال لَهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ النَّهْيَ عَنْ الْقُعُودِ قَبْلَ وَضْعِهَا، وَهُوَ حَقِيقَةٌ لِلتَّحْرِيمِ وَتَرْكُ الْحَرَامِ وَاجِبٌ. وَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَلَمْ يَمْشِ مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى تَغِيبَ عَنْهُ، فَإِنْ مَشَى مَعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ» وَرَوَى الْحَافِظُ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّ الْقُعُودَ مَكْرُوهٌ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْقَائِمَ مِثْلُ الْحَامِلِ، يَعْنِي فِي الْأَجْرِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تُوضَعَ فِي الْأَرْضِ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ أَبِي دَاوُد فِي تَرْجِيحِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، أَعْنِي قَوْلَهُ: حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، وَكَذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إلَى تَرْجِيحِهَا بِقَوْلِهِ: بَابُ مَنْ شَهِدَ جِنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا صَالِحٍ لَا يَجْلِسُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ أَبَا صَالِحٍ رَوَى الْحَدِيثَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِالْمُرَادِ مِنْهُ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْعُدَ حَتَّى يُهَالَ عَلَيْهَا التُّرَابُ انْتَهَى. وَإِذَا قَعَدَ الْمَاشِي مَعَ الْجِنَازَةِ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِيَامُ أَوْ يَقُومُ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>