للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٨١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَالْمَسَاحِي: الْمُرُورُ رَوَاهُ أَحْمَدُ)

١٤٨٢ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رَأَى نَاسٌ نَارًا فِي الْمَقْبَرَةِ فَأَتَوْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَبْرِ يَقُولُ: نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ» ، وَإِذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الدَّفْنِ لَيْلًا]

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ، وَقَدَّمْنَا شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالِاخْتِلَافَ فِي اسْمِ هَذَا الْإِنْسَانِ الْمُبْهَمِ هُنَالِكَ وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا فِي بَابِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، وَوَصَلَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ فِي بَابِ مَوْتِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلًا

وَمِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ: قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَصَحَّ أَنَّ عَلِيًّا دَفَنَ فَاطِمَةَ لَيْلًا وَحَدِيثُ جَابِرٍ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ فَفِيهِ مَقَالٌ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَلَفْظُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا فَأَسْرَجَ فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ إنْ كُنْتَ لَأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ قَوْلُهُ: (صَوْتُ الْمَسَاحِي) هِيَ جَمْعُ مِسْحَاةٍ، وَالْمِسْحَاةُ: آلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ يُجْرَفُ بِهَا الطِّينُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّحْوِ وَهُوَ كَشْفُ وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْمِيمُ فِيهَا زَائِدَةٌ

قَوْلُهُ: (الْمُرُورُ) جَمْعُ مَرٍّ بِفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَهُوَ الْمِسْحَاةُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَقِيلَ: صَوْتُ الْمِسْحَاةِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ اسْتِحْبَابِ إحْسَانِ الْكَفَنِ، وَفِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ» وَأُجِيبَ عَنْهُ أَنَّ الزَّجْرَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا لِلدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفِنُونَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ، فَالزَّجْرُ إنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانَ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ مَظِنَّةَ إسَاءَةِ الْكَفَنِ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَإِذَا لَمْ يَقَعْ تَقْصِيرٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ فَلَا بَأْسَ بِالدَّفْنِ لَيْلًا وَقَدْ قِيلَ فِي تَعْلِيلِ كَرَاهَةِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ: أَنَّ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ أَرْأَفُ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَصِحَّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>