للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الصَّبِيِّ إذَا أَطَاقَ وَحُكْمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ

١٦٣٩ - (عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ. فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُهُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ وَنَذْهَبُ إلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ مِنْ الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ» . أَخْرَجَاهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عُمَرُ لِنَشْوَانَ فِي رَمَضَانَ: وَيْلَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ وَضَرَبَهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الصَّبِيِّ إذَا أَطَاقَ وَحُكْمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ]

. قَوْلُهُ: (الرُّبَيِّعِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا، وَمُعَوِّذٍ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ: وَهُوَ ابْنُ عَوْنٍ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ عَفْرَاءَ قَوْلُهُ: (اللُّعْبَةُ) بِضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ تَاءُ تَأْنِيثٍ: وَهِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِهْنِ) أَيْ الصُّوفِ، قِيلَ: هُوَ الْمَصْبُوغُ مِنْهُ قَوْلُهُ: (أَعْطَيْنَاهُ إيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ) وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ " أَعْطَيْنَاهُ إيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ " وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ تُوَضِّحُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ فِيهِ: " فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ أَعْطَيْنَاهُمْ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ " قَوْلُهُ: (لَنَشْوَانَ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ كَسَكْرَانَ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَجَمْعُهُ نُشَاوَى كَسُكَارَى. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْه: سَكِرَ الرَّجُلُ فَانْتَشَى وَثَمِلَ بِمَعْنَى. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: نَشَا الرَّجُلُ وَانْتَشَى وَتَنَشَّى: كُلُّهُ بِمَعْنَى سَكِرَ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: النَّشْوَانُ: السَّكْرَانُ سُكْرًا خَفِيفًا. وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَغَوِيِّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ بِلَفْظِ " إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِرَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ جَعَلَ يَقُولُ لِلْمَنْخِرَيْنِ وَالْفَمِ " وَفِي رِوَايَةِ الْبَغَوِيّ: " فَلَمَّا رُفِعَ إلَيْهِ عَثَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: عَلَى وَجْهِكَ وَيْحَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ ثَمَانِينَ سَوْطًا ثُمَّ سَيَّرَهُ إلَى الشَّامِ ". الْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَعَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَمْرُ الصِّبْيَانِ بِالصَّوْمِ لِلتَّمْرِينِ عَلَيْهِ إذَا أَطَاقُوهُ وَقَدْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ ابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي تَحْدِيدِ السِّنِّ الَّتِي يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ عِنْدَهَا بِالصِّيَامِ، فَقِيلَ: سَبْعُ سِنِينَ، وَقِيلَ: عَشْرٌ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.

وَقِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا أَطَاقَ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>