للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّحَفُّظِ مِنْ الْغِيبَةِ وَاللَّغْوِ وَمَا يَقُولُ إذَا شُتِمَ

١٦٥٢ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ؛ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

١٦٥٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

فَقَالَ لَهَا ذُو الْيَدَيْنِ: الْآنَ بَعْدَ مَا شَبِعْتِ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتِمِّي صَوْمَكِ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إلَيْكِ» .

[بَابُ التَّحَفُّظِ مِنْ الْغِيبَةِ وَاللَّغْوِ وَمَا يَقُولُ إذَا شُتِمَ]

قَوْلُهُ: (فَلَا يَرْفُثُ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا، وَيَجُوزُ فِي مَاضِيه التَّثْلِيثُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْكَلَامُ الْفَاحِشُ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْفَاءِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَعَلَى مُقَدِّمَاتِهِ، وَعَلَى ذِكْرِ ذَلِكَ مَعَ النِّسَاءِ أَوْ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا.

وَفِيهِ رِوَايَةٌ " وَلَا يَجْهَلْ " أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْجَهْلِ كَالصِّيَاحِ وَالسَّفَهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصْخَبْ) الصَّخَبُ: هُوَ الرَّجَّةُ وَاضْطِرَابُ الْأَصْوَاتِ لِلْخِصَامِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ غَيْرَ يَوْمِ الصَّوْمِ يُبَاحُ فِيهِ مَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ يَتَأَكَّدُ بِالصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَاتَلَهُ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْقَتْلِ اللَّعْنُ، فَيَرْجِعُ إلَى مَعْنَى الشَّتْمِ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ قَاتَلَهُ وَشَاتَمَهُ عَلَى الْمُفَاعِلَةِ؛ لِأَنَّ الصَّائِمَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَكُفَّ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَقَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى إذَا جَاءَ مُتَعَرِّضًا لِمُقَاتَلَتِهِ أَوْ مُشَاتَمَتِهِ كَأَنْ يَبْدَأَهُ بِقَتْلٍ أَوْ شَتْمٍ اقْتَضَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُكَافِئَهُ عَلَيْهَا، فَالْمُرَادُ بِالْمُفَاعَلَةِ إرَادَةُ غَيْرِ الصَّائِمِ ذَلِكَ مِنْ الصَّائِمِ، وَقَدْ تُطْلَقُ الْمُفَاعَلَةُ عَلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا يُقَالُ: عَالَجَ الْأَمْرَ وَعَانَاهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَبْعَدُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ: الْمُرَادُ إذَا بَدَرَتْ مِنْ الصَّائِمِ مُقَابَلَةُ الشَّتْمِ بِشَتْمٍ عَلَى مُقْتَضَى الطَّبْعِ فَلْيَنْزَجِرْ عَنْ ذَلِكَ.

وَمِمَّا يُبْعِدُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ: " فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ ". قَوْلُهُ: (وَإِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ) فِي رِوَايَةٍ لَابْنُ خُزَيْمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>