للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ

١٧٥١ - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ «لَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ» وَلِمُسْلِمٍ «لَا يَصِحُّ الصِّيَامُ فِي يَوْمَيْنِ»

ــ

[نيل الأوطار]

الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ صَوْمِ النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ شَعْبَانَ. وَقَدْ جَمَعَ الطَّحَاوِيُّ بَيْنَ حَدِيثِ النَّهْيِ وَحَدِيثِ الْعَلَاءِ بِأَنَّ حَدِيثَ الْعَلَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ

وَحَدِيثُ الْبَابِ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَحْتَاطَ بِزَعْمِهِ لِرَمَضَانَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَقِيلَ هِيَ التَّقَوِّي بِالْفِطْرِ لِرَمَضَانَ لِيَدْخُلَ فِيهِ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَهُ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ جَازَ. وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ خَشْيَةُ اخْتِلَاطِ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ، فَمَنْ تَقَدَّمَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَدْ حَاوَلَ الطَّعْنَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ صَوْمُ مَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ فِي شَيْءٍ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَضَاءُ وَالنَّذْرُ لِوُجُوبِهِمَا

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُسْتَثْنَى الْقَضَاءُ وَالنَّذْرُ بِالْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ الْقَطْعِيُّ بِالظَّنِّيِّ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَيَانٌ لِمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ " فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلتَّأْقِيتِ لَا لِلتَّعْلِيلِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَمَعَ كَوْنِهَا مَحْمُولَةً عَلَى التَّأْقِيتِ فَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ مَجَازٍ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الرُّؤْيَةِ وَهِيَ اللَّيْلُ لَا يَكُونُ مَحَلَّ الصَّوْمِ، وَتَعَقَّبَهُ الْفَاكِهِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: " صُومُوا " انْوُوا الصِّيَامَ وَاللَّيْلُ كُلُّهُ ظَرْفٌ لِلنِّيَّةِ. قَالَ الْحَافِظُ: فَوَقَعَ فِي الْمَجَازِ الَّذِي فَرَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّاوِيَ لَيْسَ صَائِمًا حَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بَعْدَ النِّيَّةِ إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ.

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

. وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِ حَدِيثِ الْبَابِ وَهِيَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَتَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ صَامَهُمَا عَنْ نَذْرٍ؟ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهُمَا مُتَعَمِّدًا لِعَيْنِهِمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا، قَالَ: فَإِنْ صَامَهُمَا أَجْزَأَهُ، وَخَالَفَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. بِمِثْلِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>