للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ اعْتِبَارِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ

١٧٩٨ - (عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .

١٧٩٩ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ يَعْنِي قَوْلَهُ {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ اعْتِبَارِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ]

. الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَالْبَيْهَقِيُّ، كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الصَّوَابُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا. قَالَ الْحَافِظُ: وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ إلَى الْحَسَنِ، وَلَا أَرَى الْمَوْصُولَ إلَّا وَهْمًا، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا، إلَّا أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ حَمَّادٍ هُوَ أَبُو قَتَادَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقَدٍ الْحَرَّانِيِّ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَلَكِنَّهُ قَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْخُوزِيُّ، بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ وَاوٍ ثُمَّ زَايٍّ مُعْجَمَةٍ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَعَنْ جَابِرٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طُرُقٍ قَالَ الْحَافِظُ: كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: إنَّ طُرُقَ الْحَدِيثِ كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ مُسْنَدًا، وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَاتِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ الْمُرْسَلَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا

، وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ هِيَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ. وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَكْثَرِ أَنَّ الزَّادَ شَرْطُ وُجُوبٍ، وَهُوَ أَنْ يَجِدَ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ يَعُولُ حَتَّى يَرْجِعَ. وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْهَادَوِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الرَّاحِلَةَ شَرْطُ وُجُوبِ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَمَالِكٌ: إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ: الصِّحَّةُ لَا غَيْرُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالنَّاصِرُ وَالْمُرْتَضَى، وَهُوَ رَوَى عَنْ الْقَاسِمِ إنَّ مَنْ قَدِرَ عَلَى الْمَشْيِ لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْ الرَّاحِلَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: ٢٧] قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الزَّادَ، وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ تَفَاصِيلُ فِي قَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ بَسْطِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>