للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّلْبِيَةِ وَصِفَتِهَا وَأَحْكَامِهَا.

١٨٥٨ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَزِيدُ مَعَ هَذَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

١٨٥٩ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنْ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ) .

١٨٦٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ إلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

عَلَى جَوَازِ الْإِحْرَامِ كَإِحْرَامِ شَخْصٍ يَعْرِفُهُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مُطْلَقُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْإِبْهَامِ فَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ يَصْرِفُهُ الْمُحْرِمُ إلَى مَا شَاءَ لِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَعَنْ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ.

قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَكَأَنَّهُ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ أَشَارَ فِي صَحِيحِهِ عِنْدَ التَّرْجَمَةِ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِذَلِكَ الزَّمَنِ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ اسْتَقَرَّتْ الْأَحْكَامُ وَعُرِفَتْ مَرَاتِبُ الْإِحْرَامِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ. وَهَذَا الْخِلَافُ يَرْجِعُ إلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ هَلْ يَكُونُ خِطَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فِي حُكْمِ الْخِطَابِ الْعَامِّ لِلْأُمَّةِ أَوْ لَا؟ ، فَمَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ جَعَلَ حَدِيثَ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى شَرْعًا عَامًّا وَلَمْ يَقْبَلْ دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى الثَّانِي قَالَ: إنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِهِمَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ

[بَابُ التَّلْبِيَةِ وَصِفَتِهَا وَأَحْكَامِهَا]

. حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ قَوْلُهُ: (فَقَالَ: لَبَّيْكَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هُوَ لَفْظٌ مُثَنَّى عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَالَ يُونُسُ: هُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ وَأَلِفُهُ إنَّمَا انْقَلَبَتْ يَاءً لِاتِّصَالِهَا بِالضَّمِيرِ كَلَدَيَّ وَعَلَيَّ. وَرَدَّ بِأَنَّهَا قُلِبَتْ يَاءً مَعَ الْمُظْهَرِ. وَعَنْ الْفَرَّاءِ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ وَأَصْلُهُ لَبًّا لَكَ، فَثُنِّيَ عَلَى التَّأْكِيدِ: أَيْ إلْبَابًا بَعْدَ إلْبَابٍ، وَهَذِهِ التَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً بَلَى هِيَ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ، وَمَعْنَاهُ (إجَابَةٌ بَعْدَ إجَابَةٍ) ، أَوْ إجَابَةٌ لَازِمَةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>