للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ يَلْحَقُهَا جَائِحَةٌ

٢٢٢٢ - (عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ الْجَوَائِحَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «إنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا، فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ .» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَامِ كَالْمُشَاهَرَةِ مِنْ الشَّهْرِ، وَقِيلَ: هِيَ اكْتِرَاءُ الْأَرْضِ سِنِينَ وَكَذَلِكَ بَيْعُ السِّنِينَ: هُوَ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ غَرَرٍ لِكَوْنِهِ بَيْعُ مَا لَمْ يُوجَدْ. وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِذَلِكَ تَفْسِيرًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذَا سَنَةً، عَلَى أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ السَّنَةُ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا وَأَرُدُّ أَنَا الثَّمَنَ وَتَرُدُّ أَنْتَ الْمَبِيعَ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُخَابَرَةِ) سَيَأْتِي تَفْسِيرُهَا وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَطِيبَ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ: (حَتَّى يُطْعَمَ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهِمَا سَائِرُ الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يُشْقِهَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ قَافٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ يُشْقِحَ وَهِيَ الْأَصْلُ وَالْهَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْحَاءِ، وَإِشْقَاحُ النَّخْلِ احْمِرَارُهُ وَاصْفِرَارُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَالِاسْمُ الشُّقْحَةُ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَنَحْوِهَا عَلَى تَحْرِيمِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَمَا شَارَكَهُمَا فِي الْعِلَّةِ قِيَاسًا وَهِيَ إمَّا مَظِنَّةُ الرِّبَا لِعَدَمِ عِلْمِ التَّسَاوِي أَوْ الْغَرَرِ، وَعَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ السِّنِينَ وَعَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ صَلَاحِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فِي غَيْرِ الْعَرَايَا وَعَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ فِي سَنَابِلِهَا بِالْحِنْطَةِ مُنْسَلَّةً عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ وَبَيْنَ مَا كَانَ مَقْطُوعًا مِنْهُمَا وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْعَ الرُّطَبِ الْمَقْطُوعِ بِخَرْصِهِ مِنْ الْيَابِسِ.

[بَابُ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ يَلْحَقُهَا جَائِحَةٌ]

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِنَحْوِهِ وَفِي إسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَكِنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا مُخْتَصَرًا، وَعَنْ أَنَسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَوْلُهُ: (الْجَوَائِحُ) جَمْعُ جَائِحَةٍ وَهِيَ الْآفَةُ الَّتِي تُصِيبُ الثِّمَارَ فَتُهْلِكُهَا يُقَالُ: جَاحَهُمْ الدَّهْرُ وَاجْتَاحَهُمْ بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ فِيهِمَا إذَا أَصَابَهُمْ بِمَكْرُوهٍ عَظِيمٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْبَرْدَ وَالْقَحْطَ وَالْعَطَشَ جَائِحَةٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ آفَةً سَمَاوِيَّةً وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>