للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا أَوْ قَالَ: حَتَّى يَفْتَرِقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) » .

٢٢٣٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ وَرُبَّمَا قَالَ: أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْخِيَارِ» وَفِي لَفْظٍ: «إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ.» مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَفِي لَفْظٍ: «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَفِي لَفْظٍ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» وَفِي لَفْظٍ «إذَا تَبَايَعَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْبَيْعِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مِنْ بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ، فَإِذَا كَانَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ فَقَدْ وَجَبَ» قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ لَا يُقِيلَهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيَّة ثُمَّ رَجَعَ أَخْرَجَاهُمَا)

٢٢٣٥ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ - وَفِي لَفْظٍ: «حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا» .

٢٢٣٦ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ مَالًا بِالْوَادِي بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي الْبَيْعَ، وَكَانَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا تُشْتَرَطُ، بَلْ تَكْفِي الصِّفَةُ أَوْ الرُّؤْيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ إثْبَاتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ]

قَوْلُهُ: (الْبَيِّعَانِ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ، يَعْنِي: الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ وَالْبَيِّعُ هُوَ الْبَائِعُ أُطْلِقَ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، أَوْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (بِالْخِيَارِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ مِنْ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَارِ هُنَا: خِيَارُ الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) قَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْمُعْتَبَرُ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ، أَوْ بِالْأَقْوَالِ؟ فَابْنُ عُمَرَ حَمَلَهُ عَلَى التَّفْرِيقِ بِالْأَبْدَانِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهُ فِي الْبَابِ، وَكَذَلِكَ حَمَلَهُ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد. قَالَ صَاحِبُ الْفَتْحِ: وَلَا يُعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ أَيْضًا: وَنَقَلَ ثَعْلَبٌ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ يُقَالُ: افْتَرَقَا بِالْكَلَامِ وَتَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ، وَرَدَّهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البينة: ٤] فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّفَرُّقِ بِالْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ بِالِاعْتِقَادِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ لَازِمِهِ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ مَنْ خَالَفَ آخَرَ فِي عَقِيدَتِهِ كَانَ مُسْتَدْعِيًا لِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهُ بِبَدَنِهِ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْجَوَابِ، وَالْحَقُّ حَمْلُ كَلَامِ الْفَضْلِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِالْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>