للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التِّرْمِذِيَّ)

٢٢٨٨ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .

٢٢٨٩ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَسْلَفَ شَيْئًا فَلَا يَشْرِطْ عَلَى صَاحِبِهِ غَيْرَ قَضَائِهِ» وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ» رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ دَلِيلُ امْتِنَاعِ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِيهِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ فِي الْبَعْضِ)

ــ

[نيل الأوطار]

[ذِكْر مَا يَجُوز فِيهِ السَّلَم]

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي إسْنَادِهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ قَوْلُهُ: (ابْنُ أَبْزَى) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ عَلَى وَزْنِ أَعْلَى، وَهُوَ الْخُزَاعِيُّ أَحَدُ صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَلِأَبِيهِ أَبْزَى صُحْبَةٌ

قَوْلُهُ: (أَنْبَاطُ) جَمْعُ نُبَيْطٍ: وَهُمْ قَوْمٌ مَعْرُوفُونَ كَانُوا يَنْزِلُونَ بِالْبَطَائِحِ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَأَصْلُهُمْ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ دَخَلُوا فِي الْعَجَمِ وَاخْتَلَطَتْ أَنْسَابُهُمْ وَفَسَدَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، وَيُقَالُ لَهُمْ: النَّبَطُ بِفَتْحَتَيْنِ، وَالنَّبِيطُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ وَزِيَادَةِ تَحْتَانِيَّةٍ، وَإِنَّمَا سُمُّوا بِذَلِكَ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِإِنْبَاطِ الْمَاءِ: أَيْ: اسْتِخْرَاجِهِ لِكَثْرَةِ مُعَالَجَتِهِمْ الْفِلَاحَةَ وَقِيلَ: هُمْ نَصَارَى الشَّامِ، وَهُمْ عَرَبٌ دَخَلُوا فِي الرُّومِ وَنَزَلُوا بَوَادِي الشَّامِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: " مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ " وَقِيلَ: هُمْ طَائِفَتَانِ: طَائِفَةٌ اخْتَلَطَتْ بِالْعَجَمِ وَنَزَلُوا الْبَطَائِحَ وَطَائِفَةٌ اخْتَلَطَتْ بِالرُّومِ وَنَزَلُوا الشَّامَ قَوْلُهُ: (فَنُسْلِفُهُمْ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِسْكَانِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ مِنْ الْإِسْلَافِ، وَقَدْ تُشَدَّدُ اللَّامُ مَعَ فَتْحِ السِّينِ مِنْ التَّسْلِيفِ قَوْلُهُ: (مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ تَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ قَالَ ابْنُ رِسْلَانَ: وَأَمَّا الْمَعْدُومُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ قَوْلُهُ: (وَمَا نَرَاهُ عِنْدَهُمْ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد " إلَى قَوْمٍ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ " أَيْ: لَيْسَ عِنْدَهُمْ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيمَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي وَقْتِ السَّلَمِ إذَا أَمْكَنَ وُجُودُهُ فِي وَقْتِ حُلُولِ الْأَجَلِ فَذَهَبَ إلَى جَوَازِهِ الْجُمْهُورُ، قَالُوا: وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ الْحُلُولِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ فِيمَا يَنْقَطِعُ قَبْلَهُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْمَحِلِّ، وَوَافَقَهُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَانْقَطَعَ فِي مَحَلِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ

وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ يَنْفَسِخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>