للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣٣١ - (وَعَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ «أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَغْرِزَ خَشَبًا فِي جِدَارِهِ، فَلَقِيَا مُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ وَرِجَالًا كَثِيرًا، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبًا فِي جِدَارِهِ، فَقَالَ الْحَالِفُ: أَيْ: أَخِي قَدْ عَلِمْت أَنَّك مَقْضِيٌّ لَكَ عَلَيَّ، وَقَدْ حَلَفْت فَاجْعَلْ أُسْطُوَانًا دُونَ جِدَارِي، فَفَعَلَ الْآخَرُ فَغَرَزَ فِي الْأُسْطُوَانِ خَشَبَةً» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ مَا جَاءَ فِي وَضْعِ الْخَشَبِ فِي جِدَارِ الْجَار وَإِنْ كَرِهَ]

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أَمَّا حَدِيثُ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ اهـ وَهُوَ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ وَمَا فِيهِ مِنْ جَعْلِ الطَّرِيقِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا حَدِيثُ مُجَمِّعٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَسَكَتَ عَنْهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَعِكْرِمَةُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْمَذْكُورُ مَجْهُولٌ قَوْلُهُ: (لَا يَمْنَعْ) بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ " لَا يَمْنَعَنَّ " وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ وَهِيَ فِي مَعْنَى النَّهْيِ قَوْلُهُ: (خَشَبَهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: رَوَيْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأُصُولِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْإِفْرَادِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: كُلُّ النَّاسِ تَقُولُهُ بِالْجَمْعِ إلَّا الطَّحَاوِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ: سَأَلْت أَبَا زَيْدٍ وَالْحَارِثَ بْنَ بُكَيْر وَيُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْهُ، فَقَالُوا كُلُّهُمْ: خَشَبَةً بِالتَّنْوِينِ، وَرِوَايَةُ مُجَمِّعٍ تَشْهَدُ لِمَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَيُؤَيِّدُهَا أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ «إذَا سَأَلَ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَدْعَمَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَإِنَّمَا اعْتَنَى هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ بِتَحْقِيقِ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْحَرْفِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْخَشَبَةِ الْوَاحِدَةِ يَخِفُّ عَلَى الْجَارِ الْمُسَامَحَةُ بِهِ بِخِلَافِ الْأَخْشَابِ الْكَثِيرَةِ

(وَالْأَحَادِيثُ) تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ غَرْزِ الْخَشَبِ فِي جِدَارِهِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ إذَا امْتَنَعَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْجُمْهُورُ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ إذْنُ الْمَالِكِ وَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْجِدَارِ إذَا امْتَنَعَ، وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ» وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>