للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَهَى عَنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ فَسَادٍ الْعَقْدِ إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ التِّبْنَ أَوْ بُقْعَةً بِعَيْنِهَا وَنَحْوَهُ]

قَوْلُهُ: (حَقْلًا) أَيْ: أَهْلَ مُزَارَعَةٍ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْمَحَاقِلُ: الْمَزَارِعُ، وَالْمُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ بَيْعُهُ فِي سُنْبُلِهِ بِالْحِنْطَةِ، أَوْ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ إكْرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ اهـ قَوْلُهُ: (فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: عَنْ كَرْيِ الْأَرْضِ عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ وَلَهُمْ هَذِهِ، فَيَصْلُحُ التَّمَسُّكُ بِهَذَا الْمَذْهَبِ لِمَنْ قَالَ: إنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ هَذَا النَّوْعُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَقَدْ حَكَى فِي الْفَتْحِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمُفْضِي إلَى الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ، لَا عَنْ إكْرَائِهَا مُطْلَقًا حَتَّى بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ: ثُمَّ اخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ فِي جَوَازِ إكْرَائِهَا بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ حَمَلَ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُجِزْ إجَارَتَهَا بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ قَالَ: النَّهْيُ عَنْ كِرَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ نَاحِيَةً مِنْهَا، أَوْ شَرَطَ مَا يَنْبُتُ عَلَى النَّهْرِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِمَا فِي كُلِّ ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ اهـ

قَوْلُهُ: (فَأَمَّا الْوَرِقُ فَلَمْ يَنْهَنَا) لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، أَعْنِي قَوْلَهُ فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ النَّهْيِ عَنْ الْوَرِقِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ وَلَا وُجُودَ الْمُعَامَلَةِ بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ رَافِعٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَافِعٌ قَالَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ عَلَى جَوَازِهِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَرْيِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ بِمَا إذَا كَانَ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَاسْتَنْبَطَ مِنْ ذَلِكَ جَوَازَ الْكَرْيِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَيُرَجَّحُ كَوْنُهُ مَرْفُوعًا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَقَالَ: إنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ، وَرَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا، وَرَجُلٌ اكْتَرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ» لَكِنْ بَيَّنَ النَّسَائِيّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَأَنَّ بَقِيَّتَهُ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مَا هُوَ أَظْهَرُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الرَّفْعِ مِنْ هَذَا وَهُوَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْآتِي

قَوْلُهُ: " بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ " بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ أَلْفٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَتْحَ الذَّالِ فِي غَيْرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهِيَ مَا يَنْبُتُ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَلَيْسَتْ عَرَبِيَّةً وَلَكِنَّهَا سَوَادِيَّةٌ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَسَايِلُ الْمِيَاهِ، فَتَسْمِيَةُ النَّابِتِ عَلَيْهَا بِاسْمِهَا كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ يُؤَاجِرُونَ عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ، وَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ أَوْ الْحَالِّيَّةُ وَالْمَحَلِّيَّةُ: قَوْلُهُ: " وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ: أَوَائِلِ الْجَدَاوِلِ: السَّوَّاقِي

<<  <  ج: ص:  >  >>